أُعطيتَ حُكمكَ في الأيام فاحْتَكِمِ – عبدالجبار بن حمديس
أُعطيتَ حُكمكَ في الأيام فاحْتَكِمِ … وإن تملّكتَ رقّ المجد والكرمِ
وحالفتك سعودٌ لو يُخَصّ بها … عصرُ الشبابِ لما أفضى إلى الهرمِ
إنّ الزّمانَ ليجري في تصرّفهِ … على مُرادك منه غيرَ مُتّهم
فما هممتَ بأمرٍ أو اشرتَ به … إلاَّ وقامتْ له الدنيا على قدم
إنَّ القسنطينة الكبرى مُمَلَّكُها … قد اتَّقى منك حدّ السيفِ بالقلم
وخافَ قَدْحَ زناد أمره عجب … يرميه في الماءِ ذي التيار بالضرمِ
ورامَ حقنَ دماءِ الرّومِ معتمداً … على وفاءِ وفيّ منك بالذمم
فكفَّ عزم كفاة صدقُ بأسِهِمُ … مستأصلٌ نِعَمَ الأعداءِ بالنقم
وأقبلتْ مع رسلٍ منه مألكة ٌ … تأسو كلومك في الأعلاج بالكلم
رآك بالقلب لا بالعين من جزَعٍ … في دَسْتِ مُلْكٍ عليه هَيْبَة ُ العِظَمِ
مُطَيَّبُ الذكرِ في الدنيا مُوَاصِلُهُ … كأنما عرفُهُ مسكٌ بكلّ فم
مشى إليك بتدريج على شفة ٍ … من لثم أرضِ عظيم الملك ذي همم
مقدِّماً كلّ عالقٍ من هديّته … كروضة ٍ فوّفتها راحة ُ الدّيم
في زاخرٍ من بحورِ الروم، عادتُهُ … ألا يزال مشوباً منهمُ بدم
لولا النواتي وأثقالٌ لها، حُمِلَتْ … من البطاريق، إجلالاً، على القمم
فعاد بالسلم من حرب سلاهبها … دُهمٌ بأرجلها تغنى عن اللجم
ومنشآتٌ إذا ريحٌ لها نشأتْ … جرين في زاخرٍ بالموتِ ملتطم
راحتْ من الشحْم فوق القار لابسة ً … فيه، تأزُّرَ أنوارٍ على ظُلَم
تبدي سواعدَ أكمامٍ تُريك بها … مشيَ العقارب في ألوانها السخم
من كلّ مدَّرعٍ بالحزم ذي جَلَدٍ … لا يشتكي في أليم الضرب من ألم
وما رأيتُ أسوداً قبلهم فتَحَتْ … مدائناً نازَلَتْها وهي في الأجُم
سُدتم وجدتم فأوطان النجوم لكم … مراتبٌ من علّو القدر والهمم
وأرضُ بُنصُرَ قد أهدى غرائبها … لملكهم مَلْكُهَا في سالف القدم
قل للعفاة أديموا قصد ساحته … إن نمتمُ عن نداه الغمرِ لم ينم
لولا مكارمُ يحيى والحياة ُ بها … مارُدّ روحُ الغنىف ميّتِ العدم
مَلْكٌ إذا جادَ جادَ الغيثُ من يده … فمسقَطُ القطر منه منبتُ النعم
إذا أثار عجاجَ الحرب ألحفها … ليلاً بهيماً بكرّ الخيل بالبُهم
أنسيتنا بأيادٍ منك نذكرها … خصيبَ مصرٍ وما أسداه للحكمي
وقد طويتَ من الطّائيّ ما نَشَرَتْ … من المفاخر عنه ألسنُ الأمم
هديتَ من ضلّ عن مجدٍ وعن كرمٍ … بما تجاوزَ قدرَ النار والعلم
خُصِصْتَ بالجود والبأس المنوط به … والجودُ والبأس مولودان في الشيم
ولو رآك زهيرٌ في العلى لثنى … لسانهُ في كريمِ المدحِ عن هرم
فاشرب خبيئة َ دنْ أظهرتْ حبباً … للثم منه ………..ثغر مبتسم
لها تألقُ برقٍ، كيف قيّدهُ … في الكأسِ ساقٍ يُنيلُ الوَرْدَ في عنَم
وكيف تُسْمِعُ في هامٍ تُفَلّقها … صهيلَ صمصامك الماضي لذي الصمم