أَ بالري أثوي أم أسيرُ معَ الركبِ ؟ – الباخرزي
أَ بالري أثوي أم أسيرُ معَ الركبِ ؟ … أسيرُ لأنّ السيرَ أَدنى إلى قلبي
إذا كانَ من عَزمي التقدُّم في العُلا … فليسَ من الحَزمِ التخّلفُ عن صحبي
أدورُ على جنبي مخافة َ أنني … أرى الجارَ جارَ السوءِ لزقا إلى جَنبي
ولستُ لأرضُ الهُونِ حِلساً وإن أرُم … سماءً منَ الجاهِ الرفيعِ فأجدر بي
وما أنا مُغرى بالكواعِبِ مغرماً … ولا غزلاً أستنُّ من مرحِ الحبّ
أتشغلني خودٌ تكعبَ ثديها … عن الذروة ِ الشماءِ أعلي بها كعبي ؟
سلامٌ على وكري وإن طويَ الحشا … على حراتٍ من فراخٍ بها زغب
ووالهـة ٍ عَبرى إذا اشتكتِ النوى … سقى من جناها الوردَ باللؤلؤ الرطب
أأذكرُ أيام الحمى ؟ لا، وحقّهـا … بلى أتناسى ، إنَّ ذكر الحمى يصبى
ألم ترني وترت بالشوق عزمة ً … رمتنْيَ كالسهمِ المَرِيشِ إلى الغرب
وطيّرت نفسي فهي أسرى منَ القَطا … وعهدي بها من قبلُ أرسى من القُطب
وجبتُ طريقـاً ذا خطـوبٍ طوارقٍ … فمِن حَرِجٍ ضَنكٍ ومن ضَرِسٍ صَعب
ودستُ جبالاً كدْنَ يعطبْنَ مُهجتي … بما ندفت فيها الثلوج من العطْـب
وفارقتُ بيتي كـالمهنّدِ دالقـاً … من الغمدِ، واستبدلتُ شعباً سوى شَعبي
فها أنا في بغدادَ ارعى رياضها … وأرتعُ منها في الرفاهة ِ والخصبِ
وأسحبُ أذيالي عَليها، وكرخُها … مظِنَّة ُ إطرابي، ودَجْلتُـها شربي
وأسبأ من حاناتِهـا عِكبريّة ً … أرقَّ من الإعتاب في عُقَبِ العَتْبِ
فلو صُبَّ في الأجبال حُمْرُ كؤوسِها … لمعن الصخورُ السودُ خضراً من العشب
يطوف بهـا ساقٍ يسيغُك شربَهـا … بنقلٍ شهى ٍّ من مقبلهِ العذاب
وما لي إلى ” ما لين ” شوقٌ فإنها … منغصة من جور ِ ” حدادها ” الكلب
هو القين ما ينفكّ في الكير نافخاً … ممالاً بلفظِ العجم لا لغة ِ العرب
ولم يسرِ في طرق المكارم مذ نشا … وما زال معروفا سُرى القَين بالكِذْب
أحبُّ له الخلخالَ لكنْ مُقيِّداً … ورفعتهُ أختارُ ، لكن من الصلبِ
لئيمٌ ويعدي لؤمه جلساءهُ … ولا غرو لو تعدى الصحاحُ من الجرب
ويُبدعُ في بـابِ الضِّيافة ِ مَذهبـاً … فرغْفاَنَهُ يُعطـي وأَثمـانّها يجبْي
ويَخطبُ أَشعاري، أمن حِزبهِ أنا … فأنكحها إياهُ ، أم هوَ من حزبي؟
وأني له مدحي ولي في هجـائِهِ … أوابدُ تُروى في القَراطيسِ والكُتْب
وخوفني فـارتَحت جذلانَ آمِنـاً … وبِتُّ رخي البـالِ مُلتئـمَ الشِّعب
ولو خاف تهديدَ الفرزدقِ مربعٌ … لخفتُ ، ولكن لا يرى الخوفُ من دأبي
وكيف، وعصفوري يرى الصقرَ طعمة ً … وشاتي تغذو سخلها بدمِ الذئب
ولو شاءَ مولانـا الوزيرُ لكفّـني … وأبلعَني رِيقي ونفّسَ من كربـى
فإنّكَ مَزْرورُ القميصِ عـلى العُلا … وطينُك معجون من المَجد لا التُّربِ