أَيَا رَبْعَ صبري كَيف طاوعَك البلى – الواواء الدمشقي
أَيَا رَبْعَ صبري كَيف طاوعَك البلى … فجددتَ عهدَ الشوقِ في دمنِ الهوى
وأَجْريْتَ مَاءَ الوَصْلِ في تُربة الجَفَا … فأورقَ غصنُ الحبَّ في روضة ِ الرضا
أَرَدْتَ بتجديد الهَوَى ذِكرَ ما مضى … فأَحْيَيْتَ عَهْدَ الحُبِّ في مأْتمِ النَّوى
وَ كشفتَ غيمَ الغدرِ عن قمرِ الوفا … فأشرقَ نورُ الوصلِ عن ظلمِ الجفا
كأنك عاينتَ الذي بي منَ الهوى … فقاسمتني البلوى وقاسمتك البلى
وَدَارَتْ بُرُوجُ اليَأْسِ في فَلَكِ الرَّجا … وَ هبَّ نسيمُ الشوقِ في أمل المنى
لَئِنْ مَاتَ يَأْسِي مِنْهُ إذْ عَاشَ مَطْمعي … فإني قد استمسكتُ من لحظهِ الرجا
وَ ما ذكرتكَ النفسُ إلاّ تصاعدتْ … إلَى العَيْنِ فکنْهَلَّتْ مع الدَّمْعِ في البُكَا
تواصلني طوراً وتهجرُ تارة ً … ألاَ ربَّ هجرٍ جرَّ أسبابهُ الصفا
أرى الغيَّ رشداً في هواهُ وإنني … لأَقْنَعُ بالشَّكْوَى إلَى خَيْرِ مُشْتَكَى
ألم ترَ أني بعتُ عزي بذلة ٍ … وَ طاوعتُ ما تهوى لطوعك ما تا
وَ ما وَ حياة ِ الحبَّ حلتُ عن الذي … عَهِدْتَ ولكنْ كُلُّ شَيْءٍ إلى کنْتها
وَرَيَّانَ مِنْ مَاءِ الشَّبَابِ كأَنَّما … يوردُ ماءَ الحسن في خدهِ الحيا
إذا قابل الليلَ البهيمَ بوجهه … أزالَ ضياءَ الصبح في ظلمة ِ الدجى
أَبَى لحظُ طَرْفِي أَنْ يُفَارقَ طَرْفَهُ … فلو رمتُ أثنيهِ عن الطرفِ ما انثنى
أُشَبِّهُ صُدْغَيْهِ بخدَّيْهِ إذْ بدا … بِسَالِفَتَيْ ريمٍ وَعِطْفَيْنِ من رَشَا
إذا ما انتضى سيفَ الملاحة ِ طرفهُ … فليس لراءٍ طرفهُ لم يمتْ عزا
أبى أن تنيلَ القلبَ رقة ُ كأسهِ … و دقتْ عن التشبيهِ في اللطفِ بالهوا
كأنَّ بقايا ما عفا من حبابها … بقية ُ طَلٍّ فوق وَرْدٍ مِنَ الندى
وَ ندمانِ صدقٍ قال لي بعد رقدة ٍ : … أَلا فکسْقِنِي كأساً على شدَّة الظَّما
فناولتُه كأساً، فَثنّى بمثلها، … فقابلني حسنَ القبولِ كما انثنى
تَحَامَى الكرى حتّى كأنَّ جفونَهُ … عليه لهُ منها رقيبٌ من الكرى
وليلٍ تَمَادى طولُه فَقَصَرْتُه … بِرَاحٍ تُعيرُ الماءَ مِنْ صفوِها صفا
تجافتْ جفون الشربِ فيه عن الكرى … فمنْ بينِ نشوانٍ وآخرَ ما انتشى
و قد شربوا حتى ّ كأنَّ رؤسهمْ … منَ السكرِ في أعناقها سنة ُ الكرى