أَهلُوكِ أَضْحَوْا شاخِصاً ومُقَوضَا – أبو تمام

أَهلُوكِ أَضْحَوْا شاخِصاً ومُقَوضَا … ومُزَمماً يَصِفُ النَّوَى ومُغَرضَا

إنْ يدجُ ليلكَ أنهمْ أموا اللوى … فلقدْ أضاءَ وهمْ على ذاتِ الأضا

بدلتَ منْ برقِ الثغورِ وبردها … بَرْقاً إِذَا ظَعَنَ الأحِبَّة ُ أَوْمَضَا

لَوْ كانَ أَبغضَ قَلْبَهُ فيما مَضَى … أَحَدٌ لَكُنْتُ إذاً لِقَلْبي مُبْغضا

قَلَّ الغَضَى لاشَكَّ في أوطانِه … مما حشدتَ إليهِ منْ جمرِ الغضى

ما أنصفَ الزمنُ الذي بعثَ الهوى … فقَضَى عليك بِلَوعة ثُمّ انقَضَى

عِنْدِي مِنَ الأيَّامِ ما لَوْ أَنَّهُ … أَضْحَى بِشَارِبِ مُرْقدٍ ما غَمَّضَا

لا تطلبنَ الرزقَ بعدَ شماسهِ … فتروضهُ سبعاً إذا ما غيضا

ما عوضَ الصبرَ امرؤٌ إلاَّ رأى … ما فاتَهُ دُونَ الَّذي قَدْ عُوضَا

يا أحمدَ ابنَ أبي داودٍ دعوة َ … ذَلَّتْ بِشُكْرِكَ لي وكانَتْ رَيّضَا

لما انتضيتكَ للخطوبِ كفيتها … والسَّيْفُ لا يَكْفِيكَ حتَّى يُنْتَضَى

ما زلتُ أرقبُ تحتَ أفياءِ المنى … يوماً بِوَجهٍ مِثْل وجْهِكَ أَبْيضا

كمْ محضرٍ لمَ مرتضى ً لم تدخر … محمودهُ عندَ الإمامِ المرتضى

لولاكَ عزَّ لقاؤهُ فيما بقي … أَضْعافَ ما قدْ عَزَّني فيما مَضَى

قدْ كانَ صوحَ نبتُ كلّ قرارة ٍ … حتَّى تَرَوَّحَ في نَداكَ فَرَوَّضَا

أَوْرَدْتَني العِدَّ الْخَسيفَ وقَدْ أَرَى … أتبرضُ الثمدَ البكيّ تبرضا

أَمَّا القَرِيضُ فقد جَذَبْتَ بِضِبْعِه … جذبَ الرشاءِ مصرحاً ومعرضا

أحببتهُ إذ كانَ فيكَ محبباً … وازددتَ حباً حينَ صارَ مبغضا

أحيَيْتَه وظَنَنْتُ أَني لاأَرَى … شَيْئاً يَعُودُ إلى الحَيَاة ِ وقدْ قَضَى

وحملتَ عبءِ المجدِ معتمداً على … قدمٍ وقاكَ أمينها أنْ تدحضا

ثِقْلاً لوَ أنَّ مُتالعاً حَمَلَ اسْمَهُ … لا جسْمَه لم يَسْتَطِعْ أَن يَنْهَضَا

قدْ كانت الحالُ اشتكتْ فأسوتها … أسواً أبى إمرارهُ أنْ ينقضا

ما عذرها ألاَّ تفيقُ ولم تزلْ … لمريضها بالمكرماتِ ممرضا

كنْ كيفَ شئتَ فإنْ فيكَ خلائفاً … أَمْسَى إليهنَّ الرَّجاءُ مُفَوَّضَا

فالمجدُ لا يرضى بأنْ ترضى بأنْ … يَرْضَى امْرؤٌ يَرْجُوكَ إلاَّ بالرضَا