أَمَغْنَى الهَوَى غالَتْكَ أَيدي النِّوائِبِ – الواواء الدمشقي

أَمَغْنَى الهَوَى غالَتْكَ أَيدي النِّوائِبِ … فأَصْبَحْتَ مَغْنى ً لِلصَّبَا والجَنائبِ

إذَا أَبْصَرَتْكَ العَيْنُ جادَتْ بِمُذْهَبٍ … عَلَى مَذْهَبٍ في الخَدِّ بَيْنَ المَذَاهِبِ

أَثَافٍ كَنَقْطِ الثَّاءِ في طِرْسِ دِمْنَة ٍ … و نؤيٍ كدورِ النونِ منْ خطَّ كاتبِ

سَقَى الله آجالَ الهوى فيك لِلبَقَا … مدامَ الأماني من ثغورِ الحبائبِ

فلم يبق لي فيك البلى غيرَ ملعبٍ … يذكِّرُني عهدَ الصِّبا بملاعبِ

يبيتُ الهوى العذريُّ يعذرني إذا … خلعتُ به عذرَ الدموعِ السواكبِ

وَمَأْسورة ِ الأَلْحَاظِ عن سِنة الكرى … كأَنَّ عليها الصبرَ ضربة ُ لاَزبِ

تحرَّك طفلُ التِّيهِ في مَهْدِ طرفِها … إذا کكْتَحَلتْ بالغُمْضِ عينُ المُراقِبِ

تَصَدَّتْ لَنَا ما بين إعْرَاضِ زَاهِدٍ … على حذرٍ منها وَ إقبالِ راغبِ

و قد حليتْ أجفانها من دموعها … بأَحسنَ مِمَّا حُلِّيَتْ في التَّرائبِ

و ليلٍ كليلِ الثاكلاتِ لبستهُ … مشارقهُ لا تهتدي للمغاربِ

كأنَّ اخضرارَ الجوَّ صرحُ زبرجدٍ … تناثرَ فيه الدرُّ من جيدِ كاعبِ

كأَنَّ خَفِيَّاتِ الكواكبِ في الدُّجَى … بياضُ ولاءٍ لاَحَ في قلبِ ناصِبي

كأنَّ نجومَ الليل سربٌ رواتعٌ … لها البدرُ راعِ في رياضِ السحائبِ

كأَنَّ مُوشّى السُّحب في جَنَباتها … صدورُ بزاة أو ظهورُ الجنادبِ

صبحتُ به والصبحُ قد خلع الدجى … عَلَى منكبيه طَيْلَسانَ الغياهِبِ

بركبٍ سقوا كأسَ الكرى فرؤسهم … مُوَسَّدة ٌ أَعْنَاقُها بالمُناكبِ

تلوا في ذرى الأكوار توراة َ قصدهم … بفكرِ جُسومٍ آتياتٍ ذَواهِبِ

تكادُ تَظُنُّ العِيسُ أَنْ لَيْسَ فوقها … إذا سكتوا إلاَّ صدور الحَقَائِبِ

كواكبُ ركبٍ في بروجِ أهلة ٍ … تدورُ بأفلاكٍ بغيرِ كواكبِ

إذَا أَشْرَقَتْ كانتْ شموسَ مشارِقٍ … و إنْ غربتْ كانتْ بدورَ مغاربِ

على ناحلاتٍ كالأهلة ِ إنْ بدتْ … أتمَّ انقواساً من قسيَّ الحواجبِ

طَواهُنَّ طيُّ السَّيْرِ حتّى كأَنَّها … قناطرُ تسعى مخطفاتِ الجوانبِ

وَقد عَقْرَبَتْ أَذْنَابَها فكأَنَّها … نشاوى أعالٍ صاحياتُ المذانبِ

خِفافٌ طَوَيْنَ الشرقَ تحت خِفافها … بنا ونشرنَ الغربَ فوق الغواربِ

ضربنَ الدجى صفعاً على َ أمّ رأسه … وقد ثملتْ من خمر رَعْيِ الكواكبِ

فلما أجزناها بساحة طاهر … ذهبْنَ بنا في مُذْهَبَات المذاهبِ

إلى كعبة الامال والمطلبِ الذي … به حُلِّيتْ أَجيادُ عُطْلِ المواكبِ

إلى من يرى أنَّ الدروعَ غلائلٌ … و أنَّ ركوبَ الموت خيرُ المراكبِ

و من لا تراه طالباً غيرَ طالبٍ … ولا ذاهباً إلاَّ عَلَى غيرِ ذاهبِ

مجيبٌ لأَطراف الرِّماحِ إذا کرتَمَتْ … بها وافداتُ الطعنِ من كلَّ جانبِ

بعاداتِ صبرٍ لم تزل تستعيدُهُ … إلى الحرب حتى مات صبرُ المحارب

فتى ً أَلبسَ الأَيامَ ثوبَ شبيبة ٍ … وكانتْ قديماً في جلابيبِ شائبِ

تظلُّ المنايا تحتَ ظلَّ سيوفه … إذا خطر الخطيُّ بين الكتائبِ

ينظّمُ نثرَ الطَّعن في وجه طاعنٍ … وينثرُ نظم الضَّرب في نحر ضاربِ

و قد كتبتْ أيدي المنايا وأعربتْ … بشكل العوالي فوق خطّ القواضبِ

لئن أقعدتْ أسيافه كلَّ قائمٍ … فقد أرجلتْ أرماحه كلَّ راكبِ

عَلَى سافراتٍ للطِّعانِ نحورُها … أَقلُّ حياءً من صروف النوائبِ

وَيَحْدُو الصفا بالركضِ منها أَهلَّة ٌ … مرصعة ٌ حافاتها بالكواكبِ

يكاد يريك الشيءَ قبل عِيانِهِ … ويقضي لك الحاجاتِ قبل المَطالبِ

إذا ما انبرى في هفوة ِ الفكر رأيهُ … رأى بعيانِ الرأي ما في العواقبِ

تعوذه أعداؤه من ذكائهِ … إذا ما اكتفى بالرأي دون التجاربِ

ركوبٌ لأعناقِ الأمور إذا سطا … عفا بکقتدارٍ حين يسطو بواجبِ

حرامٌ عليه أن يردَّ رماحهُ … من الطعن إلاَّ وهي حمرُ الثعالبِ

أمانٌ لمرتاعٍ ، وروعٌ لآمنٍ … و كهفٌ لمطلوبٍ ، وحربٌ لغالبِ

إذا أَبْرقتْ ضرباً سيوفُك أَمطرتْ … رؤوسَ الأعادي فوق أرضِ المصائبِ

بما انهلّ من كفيكَ في ذلك الندى … وما حَمَلَتْهُ من قناً وقواضبِ

أرحها قليلاً كي تقرَّ فإنها … من الضَّرب أَمستْ ناحِلاَتِ المضاربِ

تَمُرُّ بك الأَيَّامُ وَهْيَ شواهدٌ … بأنك ما أبقيتَ عتباً لعاتبِ

«أَبَا حَسَنٍ» هذا کبنُ مدحِكَ قد أَتى … لِمَدْحِكَ والأَيَّامُ خُضْرُ الشواربِ

بِمَالِكَة ٍ للسمع مملوكة ٍ به … عجائبها من امهات العجائبِ

إذا أُنشدَتْ في مشهدٍ شَهدُوا لَها … بحسنِ التناهي في اختصار المذاهبِ

لتعلم أَني «حاتِمُ» الشعرِ والَّذي … غرائبُه فيه حِسانُ الغَرَائِبِ