أَلدَمعُ مِن عَينَيَّ لَم يَذرِفِ – الياس أبو شبكة

أَلدَمعُ مِن عَينَيَّ لَم يَذرِفِ … إِلّا عَلى وَردِ الهَوى الأَشرَفِ

تِلكَ دُموعُ القَلبِ ذَوَّبتها … وَفي دُموعِ القَلبِ سرٌّ خَفي

كَم لَيلَةٍ أَحيَيتُها ساهِراً … ما من سَميرٍ لي سِوى مصحَفي

طوراً أُناجي نار سيكارَتي … وَتارَةً أَرنو إِلى الأَحرُفِ

وَفي فُؤادي من شجونِ الهَوى … ما في فُؤادِ الشاعِرِ الأَحنَفِ

يا ميُّ ما لِلأَهلِ من مَدخَلٍ … بَينَ كَسيرِ الجِفنِ وَالمدنفِ

نَحنُ لَنا في حُبِّنا شيمَةٌ … بِغَيرِ هذا الحُبِّ لم نكلفِ

فَليتركونا في مناجاتِنا … وَليَحفَظوا حرمَةَ حبٍّ وَفي

فَليَترُكونا نَجتَني حلمنا … بَينَ زُهور الفُلِّ وَالمضعفِ

يا دهرُ إِنّي لم أَزَل أَمرداً … أَمتَّ لي حَظّي وَلَم تَكتَفِ

ما فتحت أَزهارُه في الضحى … حَتّى أَحالَتها يدُ الحرجفِ

لي نَفَسٌ يعسر تردادهُ … كنورِ مِصباحٍ بَدا يَنطَفي

وَجَسدٌ أَبلى بهِ سَقمه … يَكادُ لَولا ثَوبِهِ يَختَفي

وَلي حَياةٌ حَظُّها أَسوَدٌ … نَظير لَيلى المُظلمِ المسدفِ

أَمسَيتُ من يَأسي أُحِبُّ الدُجى … فَفي الدُجى رَسمُ الحِمام الخَفي

حَتّى إِذا أَلفَيتُهُ راحِلاً … أَقولُ لِلظُلمَةِ فيهِ قِفي

رَبّاهُ لَم تَخلِقني تاعِساً … أَشكو وَما من سامِعٍ منصفِ

كَأَنَّني في الكَونِ جانٍ أَتى … بِحادِثٍ أَعيَبَ مُستَنكِفِ

وَلَيسَ ذَنبي غَير أَنّي فَتىً … أَحبَبتُ فيها حُسنها اليوسفي

أَحبَبتُ فيها روحها ساقِياً … وَرَدتها من أَدمُعي الذَرفِ

إِن كانَ عاراً ما دعوهُ الهَوى … فَإِنَّ هذا العار ما أَصطَفى