أَرى هِمَّة ً تختالُ بينَ الكواكبِ – السري الرفاء

أَرى هِمَّة ً تختالُ بينَ الكواكبِ … و طَوْداً من العلياء صعْبَ الجَوانبِ

و مَربِضَ آسادٍ ومَعدِنَ سُؤدُدٍ … و مَوئلَ مطلوبٍ وغاية َ طالبِ

عُلا مَلَكَتْ لُبَّ الأميرِو إنَّما … تَمَلَّكُ ألبابَ الكرامِ المَناجبِ

تَروحُ به بينَ الصَّوارمِ والقَنا … و تَغدو به بينَ اللُّهى والمَواهِبِ

فَتى ً طالبيُّ الدِّينِ أصبحَ جُودُه … يُحَسِّنُ للطُلاَّبِ وجهَ المطالبِ

تَساهَمَ فيه العُربُ والعُجمُفاحتوى … على المجدِ من أَقيالِها والمرازِبِ

و كم وَمَضَتْ أسيافُهُ بمشارِقٍ … فراعَ العِدا إيماضُها بمَغاربِ

حُبِيتَ على رَغمِ الحسودِ بِجَنَّة ٍ … حبَتْكَ بأنواعِ الثِّمارِ الأطايبِ

تَعَجَّلْتَ منها ما يُعَجَّلُ مثلُه … لكلِّ جَميلِ السَّعيِ عَفِّ المَذاهبِ

مَيادينُ رَيحانٍ كأنَّ نسيمَه … نَسيمُ الهَوى أيامَ وَصْلِ الحَبائبِ

كأنَّ سَواقيه سلاسلُ فِضَّة ٍ … إذا اطَّرَدَتْ بين الصَّبا والجَنائبِ

و روضٌ إذا ما راضَه الغيثُأنشأتْ … حدائقُه وَشْياً كوَشْيِ السّبائبِ

و حالية ُ الأجيادِ من ثَمَراتِها … مُفلَّكَة ُ الأجسامِ خُضرُ الذَّوائبِ

خَرَقْنَ الثَّرى عن مائه الغمْرِفارتوَتْ … أسافلَها من زاخرٍ غيرِ ناضبِ

إذا ما سقَتْهُنَّ السَّحائبُ شُربة ً … خلَطْنَ بماءِ البَحرِ ماءَ السَّحائبِ

تُقِلُّ شماريخَ الثِّمارِ كأنها … إذا طَلَعَت حُمْراً أكفُّ الكَواعبِ

و جاعلة ٌ دَرَّ السَّحابِ مُدامة ً … إذا شَرِبَتْ دَرَّ السَّحاب الصوائبِ

لها كالىء ٌ يُذكي اللَّحاظَ خِلالَها … حَذاراً عليها من سِخاطِ النوائبِ

يرُدُّ إليها حيَّة َ الماءِ ما انكفَتْ … عن القصدِ أو صَدَّت صدودَ المُجانبِ

فقد لَبِسَت خُضْرَ الغَلائلِو انثَنت … لها مُرجَحِنَّاتٌ بخُضْرِ الشَّواربِ

قُطوفٌ تساوى شِربُهاو تباينَت … تَبايُنَ مُسوَدِّ العِذارِ وشائبِ

فمن بَرَدٍ لم يَجلُ للشَّمسِ حاجباً … من الظلِّ إلا غازَلَتْه بحاجبِ

و من سَبَجٍ أجرَت به الكرْمُ سِلْكَها … و لم تُجْرِ في منظومِه خَرْقَ ثاقبِ

بدائعُ أضحَتْ في المذاقِ أقارباً … و إن كنَّ في الألوان غيرَ أقاربِ

ترى الماءَ شتَّى السُّبْلِ يَنسابُ بينَها … كما رِيعَتِ الحيَّاتُ من كلِّ جانبِ

و مسترفِدٌ تيَّارَ دِجلة َ رافداً … سواحلَها من نازحٍ ومُقاربِ

يسيرُ وإن لم يبرَحِالدهرَ خُطوة ً … فليس بوقَّافٍو ليس بساربِ

مواصلُ إيجافٍ تكادُ تُجيبُه … إذا حنَّ ليلاً مُوجِفاتُ الرَّكائبِ

تَسيلُ خلالَ الرَّوْضِ من فَيْضِ دمعِه … قَواضبُ تُزري بالسيوفِ القَواضبِ

و ممتنعٌ جِلْبابُه الغيمُ في الضُّحى … و حِلْيتُه في الليلِ زُهْرُ الكواكبِ

أضاءَفلو أنَّ النجومَ تحيَّرتْ … ضَلالاً هَداها سُبْلَها في الغَياهبِ

له شَرَفاتٌ كالوذائلِ أشرَفَتْ … على نازحِ الأقطارِ نائي المناكِبِ

إذا لبِسَت وَرْسَ الأصيلِ حسِبْتَها … تُعَلُّ برَقراقٍ من التَّبرِ ذائبِ

مجاورُ بَرٍّ ضاحكِ النَّوْرِ مُعْشِبٍ … و بحرٍ طَموحِ المَوجِ عَذْبِ المشارِبِ

إذا بَكَرَ القَنَّاصُ فيه وأعزَبَتْ … حبائلُه في صَيدِ تلك العوازِبِ

رأيْتَ بناتِ البحرِ مَوشِيَّة َ القَرَى … بهو بناتِ البَرِّ بِيضَ التَّرائبِ

محاسنُ أرزاقٍ من النَّوْرِو المَها … يُغِذُّ إليها طالبٌ غيرُ خائبِ

فَمِنْ سانحٍ بالخيرِ في إثْرٍ سابحٍ … و مُختضِبِ الأطرافِ من دمِ خاضبِ

و آمنة ٍ لا الوحشُ يزْعَرُ سِربَها … و لا الطيرُ منها دامياتُ المخالبِ

هي الرَّوْضُ لم تَنشَ الخَواملُ زَهْرَه … و لا خضَلَّ عن دمعٍ من المُزْنِ ساكبِ

إذا انبعَثتْ بينَ الخمائلِ خِلْتَها … زَرابيَّ كسرى بثَّها في الملاعبِ

و إن عُمْنَ في طامي المياهِ تَبسَّمَتْ … غرائبُها ما بينَ تلك الغَرائبِ

و دُهْمٌ إذا ما الليلُ رَفَّعَ سِجْفَه … تكشَّفَ منها عن وجوهٍ شَواحبِ

و إن آنسَتْ شَخصاً من الإنسِ صَرْصَرَتْ … كما صَرصرَتْ في الطِّرسِ أقلامُ كاتبِ

جِبالٌ رسَتْ في لُجَّة ٍ غيرَ أنها … تُحاذرُ أنفاسَ الرياحِ اللَّواعبِ

إذا عايَنتْ للماءِ وَفْداً رأيْتَها … تُودِّعُ منه غائباً غيرَ آيبِ

يسيرُ إليها الرَكبُ في لُجِّ زاخرٍ … و ليسَ سوى أولادِها من مراكبِ

تَضُمُّ رجالاً أغربَ الشَّيبُ فيهِمُ … فمالَ على أَجفَانِهِمْ والحواجبِ

فمن رَهَجٍ لا يُستثارُ بحافرٍ … لديهمو خيلٍ لا تَذِلُّ لراكبِ

عَجائبُ مُلْكٍ في فَنائلَ لم تَكُنْ … عجائبُ مُلْكٍ قبلَها بعجائبِ

هي الحرَمُ المحميُّ مِمَّن يرومُه … بكلِّ صَقيلِ المتْنِ عَضْبِ المَضاربِ

مواطنُ لم يَسحَبْ بها الغَيُّ ذيلَه … وَكَمْ للعوالي بينَها من مساحِبِ

أبا حَسَنٍ لا زالَ وُدُّكَ مَشربَي … إذا بَعُدَت يوماً عليَّ مشاربي

نُهنِّيكَ بالبُرْءِ الذي قامَ فِعلُه … مقامَ الضُّحى والحِنْدسِ المتراكبِ

أعادَ رياضَ الحمْدِ مُونَقَة َ الرُّبا … و رَدَّ رياحَ الجُودِ ريَّا المَشاربِ

فَصَدَّقَ مِنْ ظَنِّ الصديقِو أكذَبتْ … مواقعُه ظَنَّ العدوِّ المُحاربِ

إذا كنتَ من صَرْفِ الحوادثِ مُعْتِبي … فلسْتُ عليها ما حَيِيتُ بعاتبِ

إليكَ القوافي الغرُّ لا نَظْمَ سارقٍ … و لا فِكْرَ مَأْفُوكٍو لا لفْظَ حاطبِ

كتائبَ حَمْدٍ لو رَمَيْتَ بها العِدا … غَداة َ الوَغى قامتْ مَقامَ الكتائبِ