أيرجع عهد بالشقيقة سالف – محمد حسن أبو المحاسن

أيرجع عهد بالشقيقة سالف … سقى العهد منهل من الغيث واكف

خليلي هذا موقف الوجد والأسا … وخير الخليلين المعين المساعف

فعوجا عليه بالدموع فانما … تحيته منا الدموع الذوارف

منازل كانت للنعيم معرّسا … وكانت بها للعاشقين مواقف

ترف الأقاحي وهي فيها مباسم … وتثنى بها الاغصان وهي معاطف

فلا تنكرا بالدار فرط صبابتي … فما كل قلب بالصبابة عارف

فلا ذعرت يا دار ارامك التي … بها المظباء الآنسات معارف

الفن الحسان الغانيات فأكرمت … وتكرم من اجل الأليف الألاف

لئن جرعتني الحزن اطلال دارهم … فكم ارشفتني الراح فيها المراشف

وان تعف بعد الظاعنين ربوعهم … فقلبي منها آهل الربع آلف

وقفت به والدمع يجري كأنني … وان جل رزء الطف بالطف واقف

على مربع روت دماء بني الهدى … ثراه ولم ترو القلوب اللواهف

فكم غيبت فيه نجوماً وحجبت … بدو رعلا فيها المنايا الخواسف

إلى الطف من أرض الحجاز تطلعت … ثنايا المنايا ماثنتها المخاوف

ترحل أمن الخائفين عن الحمى … مخافة ان لا يأمن البيت خائف

وقد كان شمساً والحجاز بنوره … مضئ فامسى بعده وهو كاسف

وصوح بعد الغيث نبت رياضه … وقلص ظل بالمكارم وارف

قد استصرخته بالعراق عصابة … تحكم فيها جائر الحكم عاسف

فانجدهم غوث اللهيف وشيمة … الكريم إذا داع دعاه يساعف

سرى والمنايا تستحث ركابه … إلى موقف تنسى لديه المواقف

تحف به الخيل الكرام وفوقها … من الهاشميين الكرام الغطارف

بنو مطعمي طير السماء سيوفهم … لهن مقاري في الوغى ومضائف

إذا اعتقلوا سمر الرماح تضيقت … يعاسيبها العقبان فهي عواكف

بهم عرف المعروف والبأس والندى … وفاضت على المسترفدين العوارف

وقد نازلوا الكرب الشديد بكربلا … وكل بحد السيف للكرب كاشف

فدارت بابناء النبي محمد … عصائب ابناء الطليق الزعانف

وما اجتمعت الا لتطفئ عنوة … مصابيح نور الله تلك الطوائف

وما كان كتب القوم الا كتائبا … تمج دماً فيها القني الرواعف

وقد اخذ الميثاق منهم فما وفى … أخو موثق منهم ولا برّ حالف

ابى الله والنفس والأبية ضيمه … فمات كريماً وهو للضيم عائف

ونفس علي بين جنبي سليله … فلله هاتيك النفوس الشرائف

وراموا على حكم الدعي نزوله … فقال على حكم النزال التناصف

نفوس أبت إلا نفائس مفخر … إليها انتهى مجد تليد وطارف

بنفسي من احيى شريعة جدّه … على حين قد كادت تموت العواطف

أبوه الذي قد شيد الدين سيفه … وهذا ابنه والشبل لليث واصف

أمير المنايا ذو الفقار بكفه … إذا ما قضى أمراً فليست تخالف

ويجري به بحر وفي الكف جدول … تمر على من ذاق منه المراشف

طوى بصفيح الهند نشر جموعهم … كما طويت بالراحتين الصحائف

وقل البغاة الماردين كأنه … سليمان لكن المهند آصف

يكر على جمع العدى وهو بينهم … فريد فترفض الجموع الزواحف

جناحهم من خيفة الصقر خافق … وقلبهم من سطوة الليث راجف

يفل قراع الدارعين حسامه … فيحمل فيهم وهو بالعزم سائف

وقائمه ما بارح الكف في الوغى … إلى ان خبا برق من السيف خاطف

صريعا يفدى بالنفوس وسيفه … كسير تفدّيه السيوف الرهائف

قضى عطشا دون الفرات فلا جرى … بورد ولا بل الجوى منه راشف

وظمأن لكن من نجيع فؤاده … تروى المواضي والرماح الدوالف

ومرتضع بالسهم اضحى فطامه … فذاق حمام الموت والقلب لاهف

اتى ابن رسول الله مستسقياً له … فما عطفت يوماً عليه العواطف

فاهوت على الجيد المخضب أمه … تقبّله والطرف بالدمع واكف

جعلتك لي يا منية النفس زهرة … ولم ادر ان السهم للزهر قاطف

فلله مقدام على الهول ماله … سوى المرهف الماضي عضيد محالف

إذا اشتد كرب زاد بشراً وبهجة … كان المنايا بالأماني تساعف

وفي الأرض صرعى من بنيه ورهطه … وفي الخدر منه المحصنات العفائف

فلا هو من خطب يلاقيه ناكل … ولا هو فيما قد مضى منه آسف

واعظم ما قاسى خدور عقائل … بها لم يطف غير الملائك طائف

وعز عليه ان تهاجمها العدى … وهن بحامي خدرهن هواتف

ينوء ليحمي الفاطميات جهده … فيكبوبه ضعف القوى المتضاعف

لأن عاد مسلوب الثياب مجردا … فللحمد ابراد له ومطارف

فلم ير احلى من سليب قد اكتسى … من الطعن ما تكسو الجروح النوا

وفي السبي من آل النبي كرائم … نمتها إلى المجد الاثيل الخلائف

يسار بها من منهل بعد منهل … وتطوى على الاكوار فيها التنائف

وليس لها من رهطها وحماتها … لدى السير الا ناحل الجسم ناحف

تمثلها العين المنيرة للعدى … ويسترها جفن من الليل واطف

وهن بشجو للدموع نواثر … وهن بندب للفريد رواصف

هواتف يبكين الحسين إذا بكت … هديلا حمامات الغصون الهواتف

وفوق القنا تزهو الرؤس كأنها … ازاهير لكن الرماح القواطف

وما حملت فوق الرماح رؤسهم … ولكنما فوق الرماح المصاحف