أيا وادِيَ الأحبابِ سُقيّتَ وادِيَا، – ابن المعتز

أيا وادِيَ الأحبابِ سُقيّتَ وادِيَا، … ولا زِلتَ مَسقِيّاً، وإن كنتَ خاليَا

فلا تنسَ أطلالَ الدجيلِ وماءهُ ، … ولا نخَلاتِ الدّيرِ إن كنتَ ساقِيَا

ألا ربّ يومٍ قد لبستُ ظلالهُ ، … كما أغمدَ القينُ الحسامُ اليمانيا

و لم أنسَ قمريَّ الحمامِ عشية ً … على فَرعِها تَدعو الحَمامَ البَواكِيَا

إذا ما جرى حاكتْ رياضَ أزاهرٍ … جَوانبُهُ، وانصاعَ في الأرضِ جاريَا

و إن ثقبتهُ العينُ لاقتْ قراهُ … تَخالُ الحَصَى فيها نُجوماً رَواسِيَا

فيا لكَ شَوقاً بعدَ ما كِدتُ أرعَوي، … و أهجرُ أسبابَ الهوى والتصابيا

و أصبحتُ أرفو الشيبَ ، وهوَ مرقعٌ … عليّ، وأُخفي منهُ ما ليسَ خَافيَا

و قد كادَ يكسوني الشبابُ جناحهُ ، … فقَد حادَ عن رأسي، وخلّفَ ماضِيَا

مضى فمضى طيبُ الحياة ِ وأسخطتْ … خلائقُ دُنيا كنتُ عنهنّ راضِيَا

ولم آتِ ما قد حَرّمَ الله في الهَوَى ، … ولم أتّرِكْ ممّا عَفا الله باقيَا

إذا ما تمشتْ في عينُ خريدة ٍ ، … فليستْ تخطاني إلى من ورائيا

فيا عاذلي دعني وشأني ، ولا تكنْ … شجٍ في الذي أهوى ، ودعني لما بيا

و ليلٍ كجلبابِ الشبابِ قطعتهُ … بفتيانِ صدقٍ لا تملُّ الأمانيا

سروا ثمّ حطوا عن قلاصٍ خوامسٍ … كما عَطّلَ الرّامي القِسِيَّ الحَوانِيَا

ألم تعلما يا عاذلي بأنما … يَمينيَ مَرعًى في النّدى وشِماليَا

وأعدَدتُ للحَربِ العَوانِ طِمِرّة ً، … وأسمَرَ مَطرورَ الحَديدة ِ عاليَا

ولا بُدّ من حَتفٍ يُلاقيكَ يِومُهُ، … فلا تَجزَعَنْ من ميتَة ٍ هيَ ما هيَا

و جمعٍ سقينا أرضهُ من دمائهِ ، … ولم كانَ عافَانا قَبِلنا العَوافِيَا

ودُسناهمُ بالضّربِ والطّعنِ دَوسَة ً … أماتتْ حقوداً ، ثمّ أحييتْ معاليا

خُدوا حَظَّكم من خَيرِنا،إنّ شرّنا … معَ الشّرّ لا يَزدادُ إلاّ تَمادِيَا

فَرَشنا لكُم منّا جَناحَ مَوَدّة ٍ، … وأنتُمْ زَماناً تُلجِئُونَ الدّواهِيَا

أظنكمُ من حاطبِ الليلِ جمعتْ … حبائلهُ عقارباً وأفاعيا