أقدك الغصن أم الذابل – ابن القيسراني
أقدك الغصن أم الذابل … ومقلتاك الهند أم بابل
سحران هذا طاعن ضارب … وتلك فيها خبل خابل
واكبدي من فارغ لم يزل … لي من هواه شغل شاغل
ظبي متى خاتلته قانصا … رجعت والمقتنص الخاتل
لمته أم أرقم هائج … وصدغه أم عقرب شائل
وطرفه الفاتك أم لحظه … ذا سائف طورا وذا نابل
يشرب كأسا طلعت في يد … كوكبها في قمر آفل
كأنه والجام في كفه … بدر الدجى في شفق ناهل
غصن النقا يحمل شمس الضحى … يا حبذا المحمول والحامل
أسمر كالأسمر من لحظه … له سنان جيده العامل
ملاحة بالبخل مقرونة … كل مليح أبدا باخل
إذا نأى مثله في الكرى … هواه فهو القاطع الواصل
أشكو ضنى جسمي إلى خصره … وكيف يشفي الناحل الناحل
ينكر ما ألقاه من صده … وأي فعل ماله فاعل
من لي على البعد بميعاده … وإن لواني ديني الماطل
وكيف لي بالوصل من طيفه … وذو الهوى يقنعه الباطل
أرى دماء الأسد عند الدمى … انظر من المقتول والقاتل
من كل لاهي القلب من ذاهل … به فسل أيهما الذاهل
يا صاح ما أحلى مذاق الهوى … لو كان فيه عاذل عادل
ما لي لا ألحظ عين المها … إلا دهاني سربها الخاذل
وماله ينفر من لمتي … كأنه من أسد جافل
ما زال ينسي نأيه هجره … حتى لأنسى عامه القابل
قضية جائرة مالها … غير مجير الدين مستاصل
وكيف أخشى من لطيف الحشا … ظلما وتاج الدولة الدائل
كثر حسادي حتى لقد … تنبه الهاجد والغافل
وكاد يعطي في نداه الصبا … لو أن شيبا بالندى ناصل
القائد الخيل مغافيرها … يزأر فيها الأسد الباسل
مشمر للبأس عن ساقه … والجيش في عثيره رافل
ماض فما أورد صادي القنا … إلا تروى الأسل الناهل
يناهز الأعداء من عرفه … غاز بأنفال العلى قافل
لم ينج من سطوته عاند … ولم يخب في ظله آمل
يزجي الندى حتى إذا ما اعتدى … فالدم من سطوته هاطل
ما ساجلته المزن إلا انثنى … مستحييا من طله الوابل
لا يتناهى فيض معروفه … وأي بحر ماله ساحل
سما به نابه آبائه … حين أسف النسب الخامل
وامتاز بالعلم على أهله … وهل يساوي العالم الجاهل
يا محيي العدل ويا مسرف … البذل فأنت الجائر العادل
يا أنصت الناس إلى حكمة … يقبلها من سمعه قابل
علا بك الفضل ذرى همة … عن غرة الشعرى لها كاهل
لولا سنا فضلك يجلو الدجى … ما عرف المفضول والفاضل
ولم يغامر جودك المقتفي … ولم يجانب مجدك العادل
فهل المحامد ضامنات عنك لي … معنى على هذا البيان بيانه
وهي القوافي ما تناظر بالندى … إلا وقام بفضلها برهانه
ما كان بيت فضيلة في فارس … إلا ومن عربيتي سلمانه
فمن يكن خص بمعروفه … فأنت من إحسانه شامل
بوركت من غيث إذا ما همى … روض منه الأمل الماحل
إن هزك العزم فيا طالما … أرهف منك الصارم القاصل
سيف متى أم نفوس العدى … صمم والنصر بها كافل
فكنت كالشمس سمت إذ سمت … ونورها في أفقها ماثل
وأين ينأى من قلوب الورى … من حبه في كلها نازل
فابق حيا ينبت روض المنى … وأين من أفعالك القائل
ودم فما دمت منار الهدى … فللمعالي سنن سابل