أضاء لها فجر النهى فنهاها – ابن دارج القسطلي

أضاء لها فجر النهى فنهاها … عن الدنف المضنى بحر هواها

وظللها صبح جلا ليلة الدجى … وقد كان يهديها إلي دجاها

ويشفع لي منها إلى الوصل مفرق … يهل إليه حليها وحلاها

فيا للشباب الغض أنهج برده … ويا لرياض اللهو جف سفاها

وما هي إلا الشمس حلت بمفرقي … فأعشى عيون الغانيات سناها

وعين الصبا عار المشيب سوادها … فعن أي عين بعد تلك أراها

ويا لديار اللهو أقوت رسومها … ومحت مغانيها وصم صداها

وخبر عنها سحق أثلم خاشع … كهالة بدر بشرت بحياها

فيا حبذا تلك الرسوم وحبذا … نوافح تهديها إلي صباها

تهادي المها الوحشي في عرصاتها … يذكرنيه آنسات مهاها

ومبتسم الأحباب في جنباتها … أقاح كساهن الربيع رباها

دعوت لها سقيا الحيا ودعا الهوى … وبرح الهوى دمعي لها فسقاها

وقد أستقيد الحور فيها بلمة … تبارى نفوس العين نحو فداها

وأصبحها الشرب الكرام سلافة … أهانت لها أموالها ونهاها

كميتا كأن النجم حين تشجها … تقحم كأس كأسها فعلاها

بأيدي سقاة مثل قضبان فضة … جلت أحمر الياقوت فهو جناها

ونزهى بسحر من أحاديث بيننا … كأن أسيري بابل نفثاها

وقد عجمت مني الخطوب ابن حرة … أبيا محزاتي لوقع مداها

جديرا إذا أكدى الزمان برحلة … يحقر بعد الأرض عرض فلاها

رحلت لها أدماء وجناء حرة … وشيكا بأوبات السرور سراها

أقامت بمرعى خصب أرض مريعة … أطاع لها تنومها وألاها

بما أفرغ الفرغان ثمت أتبعت … بنوء الثريا فالتقى ثرياها

أشج بها والليل مرخ سدوله … سباريت أرض لا يراع قطاها

أسائل عن مجهولها أنجم الهدى … بعين كأن الفرقدين قذاها

وأحيي نفوس الركب من ميتة الكرى … وقد عطف الليل التمام طلاها

بذكر أيادي العامري التي طمت … على نأي آفاق البلاد مناها

وموحشة الأقطار طام جمامها … مريش بأسراب القطا رجواها

أهل إليها بعد خمس دليلنا … فعجنا صدور العيس نحو جباها

تغيث بقايا من نفوس كأنها … بقايا نجوم القذف غار سناها

وقمنا إلى أنقاض سفر كأنها … وقد رحلت شطرا شطور براها

وقلت لنضو في الزمام رذية … تشكى إلى الأرض الفضاء وجاها

عسى راحة المنصور تعقب راحة … وحتم لآمال العفاة عساها

فلله منه قائد الحمد قادها … ومني محدو الخطوب حداها

ولله عزمي يوم ودعت نحوه … نفوسا شجاني بينها وشجاها

وربة خدر كالجمان دموعها … عزيز على قلبي شطوط نواها

وبنت ثمان ما يزال يروعني … على النأي تذكاري خفوق حشاها

وموقفها والبين قد جد جده … منوطا بحبلي عاتقي يداها

تشكى جفاء الأقربين إذا النوى … ترامت برحلي في البلاد فتاها

وأقسم جود العامري ليرجعن … حفيا بها من كان قبل جفاها

ورامت ثواء من أب وثواؤه … على الضيم برح من شمات عداها

وأنى لها مثوى أبيها وقد دعت … بوارق كف العامري أباها

بني إليك اليوم عني فإنها … عزائم كف العامري مداها

فحطت بمغنى الجود والمجد رحلها … وألقت بربع المكرمات عصاها

لدى ملك إحدى لواحظ طرفه … بعين الرضا حسب المنى وكفاها

هو الحاجب المنصور والملك الذي … سعى فتعالى جده فتناهى

سليل الملوك الصيد من سرو حمير … توسط في الأحساب سمك ذراها

لباب معاليها وإنسان عينها … وبدر دياجيها وشمس ضحاها

معظمها منصورها وجوادها … وفارسها يوم الوغى وفتاها

ووارث ملك أثلته ملوكها … وجامع شملي مجدها وعلاها

نماه لقود الخيل تبع فخرها … وأورثه سبي الملوك سباها

ذوو الملك والتيجان والغرر التي … جدير بها التيجان أن تتباهى

شموس اعتلاء توجت بأهلة … وسربلت الآجال فهو كساها