أرحلي محمول على العتق النجب – ابن دارج القسطلي

أرحلي محمول على العتق النجب … يؤمك أم سار على القتم النكب

يقود بها هاد إلى الأمر والمنى … ويحدو بها حاد على الخوف والرعب

غرائب مما أغرب الدهر أطلعت … عليك هلال العلم من أفق الغرب

طوت فلوات الأرض نحوك وانطوت … كبدر إلى محق بشهر إلى عقب

كئوسا تسافتها الليالي تنادما … فجاءتك كالأقداح ردت عن الشرب

تعاورهن البر والبحر مثلما … ترد بأيدي الرسل أجوبة الكتب

فليل إلى صبح وصبح إلى دجى … وكرب إلى روح وروح إلى كرب

وسهل إلى حزن وحزن إلى فلا … وسهب إلى بحر وبحر إلى سهب

يكتبن صفحات السعود نواظرا … وينفضن من أقلامهن على القلب

ويقضمن أطراف الهشيم تبلغا … إلى الروضة الغناء في المشرب العذب

تنيخ فتلقي في الصخور كلاكلا … تنوء لأرض المسك زهوا عن الترب

ويفحصن في رضم الحصى بمناسم … تهيم إلى حصباء من لؤلؤ رطب

أنسمها رياك في نفحة الصبا … وأجلو لها سيماك في أوجه الشهب

وأسمعها داعيك في كل منهل … هلم إلى الإكرام والمنزل الرحب

ولاح لها البرق الذي أغدق الثرى … فهن إليه موفضات إلى نصب

موفرة مني إليك وسائلا … تفوح لأنفاس الركائب والركب

ولو عجزت عن همتي لتبلغت … بذي قدم تصبو إلى ذي يد تصبي

فقل لمن عاذ الهدى بسيوفه … ودارت نجوم الملك منه على قطب

وضاء بنور الحق غرة وجهه … فأطفأ نيران الضغائن والشغبأ

أخو الكهل وابن للكبير ووالد … لأبنائهم في معتزى غير ذي ترب

عطاء بلا من وحكم بلا هوى … وملك بلا كبر وعز بلا عجب

ومولى كما تجلو المصابيح في الدجى … ورأي كما يشفي الهناء من النقب

سما فاشترى مثنى الوزارة سابقا … بمثنى الأيادي البيض والخلق الندب

وحاز عنان الدهر سمعا وطاعة … بكشف قناع الصبر والسمر والقضب

غمام أظل الأرض وانهل بالحيا … ضمان على النعمى أمان من الجدب

تفجر للأيام بالجود والندى … وأثمر للإسلام بالحزم واللب

فتى يتلقى الروع بالبيض والقنا … ومعتفي الأضياف بالأهل والرحب

مسمى بفتح الله أرض العدى به … مكنى بنصر الله والدين والرب

وأي وليد للمكارم والعلا … وأي رضيع للوقائع والحرب

وأي فتى في مشهد الرأي والنهى … وأي فتى في موقع الطعن والضرب

وأي عروس بالسيادة لم يسق … سوى السيف من مهر إليها ولا خضب

واي رجاء قاد رحلي إليكما … وقد أصعقتني مثل راغية الصقب

بعيد من الأوطان مستشعر العدى … غريب على الأمواه متهم الصحب

أقل من الرئبال في الأرض آلفا … وإن كان لحمي للحسود وللخب

وأعظم تأنيسا لدهري من المنى … وأوحش منه من فتى الجب في الجب

ولله من عزم إليك استقادني … فأفرط في بعد وفرط في قرب

حياء من الحال التي أنت عالم … بها كيف عاثت في سناها يد الخطب

وتسويف يوم بعد يوم تخوفا … لعلي لا ألقاك منشرح القلب

وشحا بباقي ماء وجه بذلته … لعلي أقضي قبل إنفاده نحبي

وتأخير رجل بعد تقديم أختها … حذارا لدهر لا يغمض عن حربي

كما مسني الشيطان نحوك ساعيا … بطائف سقم من عذاب ومن نصب

وبارقة من مقلتي أم ملدم … ثنتني صريعا لليدين وللجنب

محجبة لا تتقى بشبا القنا … ولا يختفي منها بباب ولا حجب

يدق عن القلب المؤنب قدرها … وقد جل ما لاقيت منها عن العتبب

طوت ظمء عشر بعد عشر وأوردت … على النفس لا ترضى على الرفه بالغب

إذا كرعت في حوض نفسي خضخضت … ففاضت نواحيه بمنهمر سكب

فمطعمها لحمي ومشربها دمي … وترتع في جسمي وتأوي إلى قلبي

كأن لها عندي مخاريف جنة … وأصلي بها نار المعذب بالذنب

إذا أوقدت جسمي هجيرا تظللت … فحلت كناسا من شغا في أوخلبي

تحملتها في حر صدري وأضعلي … وتحمل أحشائي على المركب الصعب

ألاوذ عنها قلب مكتئب شج … وتحفز نحوي قلب ذي لوعة صب

وتكذبني عنها الأماني وإنها … إلي لأهدى من قطاة إلى شرب

وإن كان أضنى الحب فالعقل حاكم … بأن ضنى الشنآن فوق ضنى الخب

وفي راحتي عبد الفعيل بن فاعل … شفائي وفي نعمى مكارمه طبي

دعوت فلباني وآوى تغربي … إلى كرم للعز ذي مرتقى صعب

وجلى همومي من سناه ببارق … أضاء به ما بين شرق إلى غرب

وأسبل لي من ستره فوق ستة … أهيم بهم في الأرض مثل القطا الزغب

فأصبحت في إكرامه مانع الحمى … وأمسيت في سلطانه آمن السرب

وحمدا لمن هدى لساني لحمده … وحسبي له من قد قضى أنه حبي