أخو ظمإ يمص حشاه سبع – ابن دارج القسطلي

أخو ظمإ يمص حشاه سبع … وأربعة وكلهم ظماء

كأنجم يوسف عددا ولكن … برؤيا هذه برح الخفاء

خطوب خاطبتهم من دواه … يموت الحزم فيها والدهاء

تراءت بالكواكب وهي ظهر … وآذن فيه بالشمس العشاء

فهل نظري تخفى أو بصدري … وضاق البحر عنها والفضاء

وكلهم كيوسف إذ فداه … من القتل التغرب والجلاء

وإن سجن حواه فكم حواهم … سجون الفلك والقفر القواء

وأية أسوة في الحسن منه … لإحساني إذا ارتخص الشراء

وفي باكيه من بعد وصدري … وأجفاني بمن أبكي ملاء

وأوحش من غروب الشمس يوما … كسوف في سناها وامحاء

وأفلاذ الفؤاد أمض قرحا … إذا رمت العيون بما تساء

فما كسرورهم في الدهر حزن … ولا كشفائهم في الصدر داء

نقائذ فتنة وخلوف ذل … ألذ من البقاء به الفناء

فإن أقوت مغاني العز منهم … فكم عمرت بهم بيد خلاء

وإن ضاقت بهم أرض فأرض … فما بكت لمثلهم السماء

وإن نسي الردى منهم ذماء … فأعذر زاهق عنه الذماء

فكم تركوا معاهد موحشات … عفت حتى عفا فيها العفاء

فأظلم بعدنا الإصباح فيها … وكم دهر أضاء بها المساء

وجد بها البلى فحكت وجوها … نأت عنها فجد بها البلاء

وهون هوانها في كل عين … جدير أن يعز له العزاء

بسطن لكل مقبوض يداه … فيما فيهن غير الدمع ماء

شموس غالها ذعر وبين … فهن لكل ضاحية هباء

وكم لبسوا من النعمى برودا … جلاها عن جسومهم الجلاء

ملابس بامة لم يبق منها … لهم إلا ابن يحيى والحياء

فإن كشفوا لهم منها غطاء … ففيه وفيك لي ولهم غطاء

شفيع صادق منه الوفاء … ومولى صادق فيه الرجاء

وإن دجت الخطوب بهم عليه … فأنت لكل داجية ضياء

وإن طوت الرزايا من سناهم … فلحظك منه يتضح الخفاء

وإن أخفى نداءهم التنائي … فسمعك منه يستمع النداء

وإن وردوا قليب الجود عطلا … فأنت الدلو فيها والرشاء

وقد شاء الإله بأن أندى … بحار الأرض يسقي من تشاء

فنبه فادي الأسرى عليهم … نفوسهم له ولك الفداء

غصون عند بحر نداه أوفت … بها كحل وقد شذب اللحاء

وآواها الربيع وكل حين … يعيث القيظ فيها والشتاء

وجاورت الصبا فغدت وأمست … تجرجر في حشاها الجربياء

رمت بهم الحوادث نحو مولى … حواها الرق منه والولاء

وقادهم الكتاب إلى مليك … تقاضاهم ليمناه القضاء

فكم عسفوا إليه لج بحر … تلاقى الماء فيه والسماء