أحسِنْ بأيَّامِ العقيقِ وأطيبِ – أبو تمام
أحسِنْ بأيَّامِ العقيقِ وأطيبِ … والعَيْشِ في أَظْلاَلِهِنَّ المُعْجِبِ
وَمصيفِهِنَّ المُسْتَظِل بظِلهِ … سِرْبُ المَهَا ورَبيعِهنَّ الصَّيبِ
أُصُلٌ كبُرْدِ العصْبِ نيطَ إلى ضُحى ً … عَبِقٍ بريحانِ الرِّياضِ مُطيَّبِ
وظِلالِهِنَّ المُشْرِقاتِ بِخُرَّدٍ … بِيضٍ كَواعِبَ غامِضَاتِ الأَكْعُبِ
وأغنَّ منْ دُعْجِ الظِّباءِ مُربَّبٍ … بُدلْنَ مِنْهُ أَغَنَّ غَيْرَ مُرَبَّبِ
للهِ ليلتُنا وكانتْ ليلة ً … ذُخِرَتْ لَنا بَيْنَ اللوى فَالشُّرْبُبِ
قَالَتْ، وَقَدْ أَعْلَقْتُ كَفي كَفَّهَا: … حلاًّ، ومَا كلُّ الحلال بطيِّبِ
فنَعِمْتُ مِنْ شَمْس إِذَا حُجبَتْ بَدَتْ … مِنْ نُورِهَا فكأنَّها لم تُحْجَبِ
وإذا رنتْ خلتَ الظِّباءَ ولَدْنَهَا … ربعيَّة ً واستُرضعتْ في الرَّبربِ
إنْسيَّة ٌ إنْ حُصِّلتْ أنْسابُها … جِنَّيَّة ُ الأَبَوَيْنِ مالَمْ تُنْسَبِ
قدْ قُلتُ للزَّبَّاء لمَّا أصبحتْ … في حدِّ نابٍ للزَّمانِ وَمخلبِ
لِمَدِيْنَة عَجْمَاءَ قَدْ أَمْسَى البِلَى … فيها خَطيباً بِاللسَانِ المُعْرِبِ
فكأنَّماَ سكنَ الفناءُ عِراصَها … أَوْ صَالَ فيها الدَّهْرُ صَوْلَة َ مُغْضِبِ
لَكِنْ بَنُو طَوْقٍ وطَوْقٌ قَبْلَهُمْ … شَادُوا المَعَالى بالثَّنَاءِ الأَغْلَبِ
فَسَتَخْرَبُ الدُّنْيَا وأَبْنِيَة ُ العُلَى … وقبابها جددٌ بها لمْ تخربِ
رُفعتْ بأيَّام الطِّعان وغُشِّيتْ … رقْرَاقَ لَوْنٍ لِلسَّمَاحَة ِ مُذْهَبِ
يا طالباً مسعاتهمْ لينالها … هَيْهَاتَ مِنْكَ غُبَارُ ذَاكَ المَوْكِبِ
أَنْتَ المُعَنَّى بالغَوانِي تَبتَغي … أَقْصَى مَوَدَّتِها بِرأْسٍ أَشْيَبِ
وَطِئَ الخطوبَ وكفَّ منْ غُلَوَائها … عُمَرُ بنُ طوق، نجمُ أهل المغربِ
مُلْتَفٌّ أَعراقِ الوَشِيج، إِذَا انْتَمَى … يومَ الفَخارِ، ثريُّ تُرْبِ المنصبِ
في معدِن الشَّرفِ الذي من حليهِ … سُبكت مكارمُ تغلبَ ابنة ِ تغلبِ
قدْ قُلتُ في غلسِ الدُّجى لِعِصابة ٍ … طلبت أبا حفصٍ: مُناخَ الأركُبِ
الكوْكبُ الجُشميُّ نصبَ عُيُونكمْ … فاسْتَوْضِحُوا إيضاءَ ذَاكَ الكَوْكَبِ
يُعطي عطاءَ المُحسنِ الخَضِل النَّدى … عَفْواً ويَعْتَذِرُ اعْتَذَارَ المُذْنِبِ
ومُرَحبٍ بالزَّائِرينَ وبشْرُهُ … يُغْنيكَ عن أَهْلٍ لَدَيْه ومَرْحِبِ
يغدو مُؤمِّلُهُ إذا ما حطَّ في … أَكْنَافِهِ رَحْلَ المُكِل المُلْغِبِ
سلسَ اللُّبانة ِ والرجاءِ ببابهِ … كَتَبَ المُنَى مُمْتَدَّ ظل المَطْلَبِ
الجدُّ شيمته وفيه فكاهة ٌ … سُجُعٌ ولاجِدٌّ لمن لم يَلْعَبِ
شَرِسٌ، وَيُتْبِعُ ذَاكَ لِينَ خَلِيقَة ٍ … لا خيرَ في الصَّهباء ما لم تُقطبِ
صُلبٌ إذا اعوجَّ الزمانُ ولم يكنْ … لِيُلِينَ صُلبَ الخطبِ من لم يصلُبِ
الودُّ للقربى ، ولكن عُرْفُهُ … للأَبْعَدِ الأَوْطَانِ دُونَ الأَقْرَبِ
وكذَاكَ عَتَّابُ بنُ سَعْدٍ أَصْبَحُوا … وهُمُ زِمَامُ زَمَانِنا المُتَقَلبِ
هُمْ رَهْطُ مَن أَمْسَى بَعيداً رَهْطُهُ … وبنو أبي رجُلٍ بغيرِ بني أبِ
ومُنافِسٍ عُمَرَ بنَ طوقٍ ما لهُ … مِن ضِغْنِهِ غَيْرُ الحَصَى والأَثْلَبِ
تَعِبُ الخلائق والنَّوالِ ولمْ يكنْ … بِالْمُسْتَرِيحِ العِرْضِ مَنْ لَمْ يَتْعَبِ
بِشحُوبِهِ في المَجْدِ أَشْرَقَ وَجْهُهُ … لايَسْتَنِيرُ فَعَالَ مَنْ لَمْ يَشْحُبِ
بَحْرٌ يَطِمُّ على العُفاة ِ وإِنْ تَهِجْ … ريحُ السُّؤَالِ بِمَوْجِهِ يَغْلَوْلِبِ
والشَّوْلُ ما حُلِبَتْ تَدَفَّقَ رِسْلُهَا … وتجفُّ درَّتُها إذا لمْ تُحْلَبِ
يا عَقْبَ طَوقٍ أيُّ عَقْبِ عشيرة ٍ … أَنْتُمْ، ورُبَّتَ مُعْقِبٍ لَمْ يُعْقِبِ
قَيَّدْتُ مِنْ عُمرَ بنِ طَوْقٍ هِمَّتي … بالحُوَّلِ الثَّبتِ الجنان القُلَّبِ
نَفَقَ المَدِيحُ بِبَابِهِ فَكَسَوْتُهُ … عِقْداً مَنَ الياقُوِتِ غَيْرَ مُثَقَّبِ
أولى المديح بأنْ يكونَ مُهذَّباً … ماكانَ مِنْهُ في أَغرَّ مُهَذَّبِ
غَرُبَتْ خَلائِقُهُ وأغرَب شاعرٌ … فيه فأَحْسَنَ مُغْرِبٌ في مُغْرِبِ
لمَّا كَرُمْتَ نطَقْتُ فِيكَ بِمَنْطِقٍ … حقًّ فلم آثمْ ولم أتحوَّبِ
ومتى امتَدَحْتُ سِواكَ كنْتُ مَتَى يَضِقْ … عَنّي لَهُ صِدْقُ المقَالَة ِ أَكْذِبِ