أحاط بورد وجنته الجني – عماد الدين الأصبهاني

أحاط بورد وجنته الجني … بنفسج خط عارضه الطري

وجال وشاحه في الخصر منه … مجال الوهم في السر الخفي

وجاذب حقفه غصن قصيف … فيا ويح الضعيف من القوي

يؤاخذ طرفه بالذنب قلبي … فيا جور السقيم على البري

يفيد العاقل اليقظ التغابي … ليدرك في الغنى حظ الغبي

ولم تصب السهام على اعتدال … بها لولا اعوجاج في القسي

فقل للدهر يقصر عن عنادي … أما هو يتقي بأس التقي

حلفت برب مكة والمصلى … وثاوي ترب طيبة والغري

لأنتم يا بني أيوب خير الورى … بعد الإمام المستضي

العيش إذا وصلت ما أحلاه … والأفق إذا طلعت ما أضواه

صل ذا سقم رجاك أن تبراه … إن أنت هديته فما أهداه

في خدك يا مكتم الأهواء … والريقة من سلافة الصهباء

أشياء قد اجتمعن في أشياء … خد وفم ومقلة نجلاء

كم في طلب الراحة قلبي يتعب … كم في حرم الأمن فؤادي يرعب

بالجد أدين والهوى بي يلعب … كل صعب وهجركم لي أصعب

يا صبري حسن غلبة قد غلبك … يا لبي سحر لحظة قد سلبك

يا قلب على النار هواه قلبك … أرداك فقل بأي ثأر طلبك

كم يخلب سحر مقلتيه خلبك … ما أطيب في لعب هواه غلبك

ما كنت معرضا لبلوى قلبقك … لو كنت تطيق حفظه من غلبك

يا لاح أما مللت من تهذيبي … قد لاح العذر فكم تهذي بي

صدقتك في النصح فدع تكذيبي … ما أعذب في هواهم تعذيبي

لا غرو إذا تنفس المكروب … فالوجد على فؤاده مشبوب

من ينجده وصبره مغلوب … ما أسعد من يسعده المحبوب

ناديت الراح قال قبل شفتي … أفدي شفة لسقم قلبي شفت

ناديت الجور قال هذي صفتي … ما أطيب عيشتي به لو صفت

زارت وتعطفت وبالوعد وفت … بالوصل لمن أسقمه الهجر شفت

أقررت لها بذنب وجدي فعفت … ما أسعد ليلة بها لي سلفت

لا أشرح ما فيك من الوجد لقيت … لولا أمل الوصل لما كنت بقيت

صلني لسعادتي فبالهجر شقيت … يا حب كفيت شر ما بي ووقيت

ما أشوقني إلى ليال سلفت … نفسي أسفا على مناها تلفت

وحشا مهجتي برغمي حلفت … من بعدكم لأنسها لا ألفت

عيني سعدت ومهدتي قد شقيت … من يرحم مهجتي لما قد لقيت

ما أسلمني لو أن نفسي وقيت … روحي تلفت ولوعتي قد بقيت

حتام إلى المحب لا تلتفت … والسقم به تصعب عنه الصفة

ما ضرك لو شفته تلك الشفة … لا يحسن لا يجمل هذا العنت

كم أصبر والعمر مع الدهر يفوت … كم أعرض عن نطق عذولي بسكوت

إن هب نسيمكم فللروح يقوت … أحيا وأموت ثم أحيا وأموت

مولاي إلى هواك أشكو بثي … إرحم ضعفي وجد بعطف وارث

ضدان هما سهولة في وعث … برئي سقمي فيك وموتي بعثي

كانوا حفظوا العهد فلم قد نكثوا … ساروا عجلا وساعة ما مكثوا

كم قد حلفوا لي وأراهم حنثوا … كانوا بعثوني بسلام بعثوا

كم قد حلفوا لي وأراهم حنثوا … شبوا نارا وهم بقلبي شبثوا

يا من بنسيم وصلهم أنبعث … قد جد هواكم فماذا العبث

قد جد هوام مذ بقلبي عبثوا … واشتد بلائي مذ لعهدي نكثوا

روحي قصوا ومهجتي قد بعثوا … والبعث بكتبهم إذا ما بعثوا

كم يوسعني رحيب صدري حرجا … كم تنقصني حظوظ فضلي درجا

قد حرت بما أرى لأمري فرجا … كم من تعب قارب يأسا ورجا

ما أحسن ما كنت بكم مبتهجا … أرجو طيبا وأستطيب الأرجا

عودوا دنفا بذكركم ملتهجا … أمسى فرجا من الهموم الفرجا

الآس على وردك من سبحه … والقلب على وجدك من هيجه

أفدي بأبي حسنك ما أبهجه … من أعجزه الوصل فما أزعجه

يا بدر دجى أدر لنا شمس ضحى … راحا تهدي إلى النفوس الفرجا

لا تلح على سكر غرام طفحا … ما حيلة من لو قلبه صح صحا

يا صاح أما تعلم أني صاحي … صحوي تعبي وراحتي في الراح

أهبب ظلم الليل بذا المصباح … فالراح بها تكامل الأرواح

ما أعلم ما أقول للنصاح … ما يأمل في الهوى فلاحي اللاحي

أقصر لأطيل سكرتي يا صاح … لا صلحك ممكن ولا إصلاحي

الشوق على القلب شديد البرح … والقلب يجل شوقه عن شرح

صبرا فعسى سماؤه أن تضحي … لا بد لكل ليلة من صبح

ما تعلم ما حقيقة الأفراح … ما لم تصف السكر بشرب الراح

إشرب وأملأ براحها أقداحي … فالراح تعيد حدة الأرواح

ذا حظك من أي كتاب نسخا … فالعقل عليه شرعه قد نسخا

سل من تهواه عقد صبري فسخا … لم شح بوصله وبالطيف سخا

ذا الحسن أمات كل حسن ونسخ … والبدر إذا طغا على النجم رسخ

بخ لك يا معذب المهجة بخ … من دل بحسنه تعالى وشمخ

الشوق لعقد صبره قد فسخا … والهم لشرع أنسه قد نسخا

لولا شغف بقلبه قد رسخا … ما شح بوصله وبالطيف سخا

في قلبي من شوقك حزن وكمد … لم يبق على الغرام للقلب جلد

الشوق كما بليت لم يبل أحد … عذب بسوى هجرك فالهجر أشد

يا من بالوصل طال لي موعده … لو أسعدني لطاب لي مورده

حتام تقول في غد أسعده … فالدهر أراه ليس يغني غده

الورد مبشر بطرد الورد … والقهوة …… الورد

الكاس تحاكي زردا في سرد … ………………

كم قد حضر الراح وغاب الورد … حتى عدم الراح فناب الورد

لما عبق الراح وطاب الورد … قلنا جمد الراح وذاب الورد

اسمع ما قال عندليب الورد … والبلبل في الروض خطيب الورد

الشرب على الورد نصيب الورد … فالحسن أن يضيع وقت الورد

ما أعلم حكم بينكم كيف نفذ … أعطاني وحشتي وللأنس أخذ

إن أرهف حده لقتلي وشحذ … فالموت من الحياة في الهجر ألذ

يا فجر أفيك أبتلى بالهجر … يا هجر سلبتني ضياء الفجر

صبري فان ودمع عيني يجري … يا قلبي جل فيك منه أجري

من خط لنا على عذار القمر … خطا بجماله افتتان البشر

هبه بيدي تبرؤا من خطري … يا ناظره السقيم ما أنت بري

يا غلبك من صدودك النار النار … يا غلبك ليس لي على النار قرار

يا غلبك في هواك عقلي قد حار … من يأخذ منك للمعنى بالثار

يا قلب لقد غرك بالحسن غرير … القلب من الحديد والجسم حرير

حلو وصدوده كبلواك مرير … يا طرف متى تكون بالوصل قرير

ما أطيب في وصاله أسحاري … ما أوضح في عذاره إعذاري

ما أسكرني وطرفه خماري … ما أسعدني وهو على إيثاري

من رصع حول خدك المحمر … يا قوتك بالزمرد المخضر

جد لي برحيق درك المفتر … فالخمرة تستباح للمضطر

كم يقتلني بطرفه الغماز … كم يأنف للعزة من إعزازي

كم مطل بالديون ذا إعواز … ما أبعد وعده من الإنجاز

لما نظر الطرف إلى الدر أزي … من سهم جفون حبي القلب عزي

ما أسعدني لو كنت بالمحترز … من عيني فالقلب من العين رزي

تفاح الخد من حماه بالآس … يقظان بعينيه من الغنج نعاس

ناديت وقد تاه من العجب وماس … ما الاسم فقال لا من الوصل إياس

هبت سحرا فهيجت وسواسي … نشوى خطرت عليلة الأنفاس

أهدت أرج الرجاء بعد الياس … ما أحسن بعد وحشتي إيناسي

مولاي تريد أن يقول الناس … هذا رجل خالطه وسواس

حالان كلاهما لجرحي ياسو … إما طمع فيك وإما ياس

كم أذكره وهو لعهدي ناسي … كم آمله وهو يريني ياسي

بالله ترون منصفا في الباس … من أجلي يستكين هذا الناسي

كم أذكر من أراه للعهد نسي … كم أحسن في الحب إليه ويسي

فالقلب من الرضا به يأتسي … لا بد لكل ظلمة من قبس

لمح لحاجتي حذار الواشي … فافتر ورده بطرف خاشي

أخفي سري وهو بدمع فاشي … لولا الواشي لكنت خلو الجاشي

البعد من الحبيب قد أدهشني … والشوق إلى زلاله أعطشني

ما إن فقد عثرت أن تنعشني … ما أوحشني بعدك ما أوحشني

الدهر بيننا لسهميه يريش … والجاش بنار وجده البرح يجيش

إن طشت فذو الحلم من الشرب يطيش … من فارقه الروح ترى كيف يعيش

ما من أحد يزيد إلا نقصا … إرحم أسفي وداو هذي الغصصا

لم تلق فديت مثل قلبي قنصا … الشوق أطاع فيك والصبر عصى

يا من هو في الظلام كالبدر يضي … إرحم دنفا سيم هوانا فرضي

ما أبلغ منيتي وأقضي غرضي … المسقم أنت من يداوي مرضي

يا من سلب الفؤاد أين العوض … لا بان بكيده لك المعترض

أصميت وقلما أصيب الغرض … الجوهر أنت والأنام العرض

يا قلب عليه لا تكن معترضا … ما يأمره فكن له معترضا

إن كان رضاه في دمي فهو رضا … لا بد من الرضا بما الرب قضى

إن ضيعني فإنني أحفظه … أرضيه بطاقتي ولا أحفظه

قد نام الحظ فمن يوقظه … قد أفلح من حبيبه يلحظه

أشرفت فلا تكن غليظا فظا … لا أقبل قط في حبيب وعظا

القلب مذ استشار فيه اللحظا … لم يترك للسلو فيه حظا

الدهر ببيننا كثير الولع … مغرى بشتات شملنا المجتمع

قد سد علي فيك باب الطمع … يا بدر ترى يعشقك الدهر معي

ما أوقعني في الحب غير الطمع … ما أسعدني لو كنت بالمقتنع

مولاي لقد عذبتني بالخدع … كالسهم مع الغر وكالقوس معي

الحب بلية جناها الطمع … ينضر به الفتى ولا ينتفع

فالغر بلمعه له ينخدع … والشاطر في شباكه لا يقع

شيطان هواك مولع بالبزغ … والعذل عليك في الحشا كاللدغ

ويلاه من العذار حول الصدغ … والعاجم من سواد ذاك الصبغ

يا صاح على الصب إلى كم تبغي … دع لومك لي فإنني لا أصغي

سمعي لسوى حديث وجدي ملغي … إلا لحبيب قلبه لا يبغي

ما أكمل حسنه وما أطرفه … ما أفتر لحظه وما أضعفه

ما أنحف خصره وما أهيفه … من قال هو البدر فما أنصفه

الورد بخديك متى أقطفه … والغصن لعطفيك متى أعطفه

والشهد بفيك أشتهي أرشفه … من لم يذق السكر لا يعرفه

هل يتفق الملاح والعشاق … أم تصطلح القلوب والأحداق

لم يؤت الحظ قلبي المشتاق … والدهر حظوظ أهله أرزاق

ما أعلم والحظوظ كالأرزاق … لم ضن بنظرة على المشتاق

كم أحجب والشمس من الإشراق … لا يحجب نورها على الآفاق

هل أنت كما كنت على الميثاق … لم ملت إلى تلون الأخلاق

من بعدك ما أظن أني باقي … لا رغبة في الحياة للمشتاق

الصبر عليك ستره منهتك … يا من بحبال وده أمتسك

هذا قلبي أعز ما أمتكل … عذبه فما عليك فيه درك

أفتاك أبو حنيفه أم مالك … هل تقتلني كأنني من مالك

ما يحسن بالحسان ما يفعله … هواك وأنت بالجفا تقتله

أخلى لك قلبه فكم تشغله … ما أسعد من حبيبه يقبله

في حبك يا ظلوم حالت حالي … ما العاطل في هواك مثل الحالي

يلجأ سفها عليك خل خالي … ما هام هوى بحسن ذاك الخال

من بلبل صدغ قاتلي من سلسل … من أودع ثغره رحيقا سلسل

من غلغلني في حبه من سلسل … يا عاذل إن جهلت ما بي سل سل

كم أنتظر النجاز من وعدكم … كم أرتقب الحفاظ في عهدكم

بالله أجيروني من بعدكم … ما أمل أن أعيش من بعدكم

الطرة والجبين صبح وظلام … والريقة والوجنة ورد ومدام

والحاجب والمقلة قوس وسهام … هذا صنم وفيته للإسلام

ما البدر كمن هويت حسنا وسنا … لا يعرف في هواه طرفي وسنا

غصن عطف القلب عليه وثنا … دع عذلك قد رضيته لي وثنا

لا زار خيال طيفكم أحيانا … وهنا فأقام ساعة أحيانا

غبتم فحنا رقادي الأجفانا … نمتم وسهرت أينا أجفانا

أفدي سكنا بربع قلبي سكنا … من أجل ثناياه عبدت الوثنا

ينوى ظعنا فيورث القلبق ضنى … قد أودعنا السقام مذ ودعنا

يا من أدعو فيستجيب الدعوى … هل يحسن بي إلى سواك الشكوى

أنت المبلي فكن مزيل البلوى … ما يسعد للضعيف إلا الأقوى

أوهى جلدي بعقد خصر واهي … أصمى كبدي بسهم لحظ ساهي

بالخد معذبي حبيب لاهي … لا يلجيء من هواه غير الله

إن كنت تريد يوسف الحسن فهو … لا أعرف في الأنام من يشبهه

العسجد لا يجوز فيه الشبه … والخالص بالرديء لا يشتبه

القلب على غرامه قد آلى … أن ليس يطيع في هواكم آلا

يا من أضحى ودادهم لي آلا … هذا جسدي إلى البلى قد آلا

من علم أعطف الغصون الميلا … من صير قلبي رهن هم وبلا

من سمع …. لسعي العدلا … ما آن بأن تميل من قولك لا

قولا لمنى إسما عيلا … أنعم بنعم أطلت إسماعي لا

شغلت جوائي بالهوى تشغيلا … أدرك رمقي فإن صبري عيلا

إقنع لتقر بالقضا مرتضيا … لا بعدئذ من مطمع مقتضيا

لولا طلب البدر من الشمس ضيا … ما كان زمان نوره منقضيا

لما اضطرمت على يدي ساقيها … فارتاع لها فهم أن يلقيها

قدمت إليه الماء كي يطفيها … ألقاه بها فزاد نار فيها

يا غاية بغيتي ويا أولاها … يا سيد سادتي ويا أولاها

يا آخر منيتي أولاها … ما أنصف من يقتلني قد لاها