أتطمعُ يا عبَّاسُ في غير مَطمعِ – أبو الفضل بن الأحنف
أتطمعُ يا عبَّاسُ في غير مَطمعِ … بَعُدتَ دعِ التَّطلابَ من كَثَبٍ دَعِ
ألمْ تَرَ داودَ النّبيَّ هَوَتْ بِهِ … جبالً الهوى فيما سمِعتَ أوِ اسمعِ
وما زالَ للنّاسِ الهَوَى ذا عَداوَة ٍ … مُضِرَّاً بهم مُذْ عهدِ عادٍ وتبَّعِ
كأنّ هُمومَ الجِنّ والإنسِ أُسكِنتْ … فؤادي فما تَعدو فؤادي وأضلُعي
أُنيخت رِكاب اللّيلِ من كلِّ جانبٍ … وحادَتْ نجُومُ اللّيلِ عن كلِّ مَوقِعِ
ولوْ أنّ خَلقَ الله حَلّتْ صُدورَهمْ … تباريحُ مابي سُيبَتْ كلُّ مُرضِعِ
شكَتْ ما بها نفسي من الشّوْقِ والهَوى … فقلتُ : لقد طالبتِ ودَّ مُمنَّعِ
وما كانَ منْكِ العِشْقُ إلاّ لجَاجَة ً … ولوْ شِئْتِ لم تَهوَيْ ولم تَتَطَلَّعي
وما هو إلاّ ما تَرَينَ، وذو الهَوى … يُعالجُ ثِقلاً فاصبري أو تَقَطَّعي
عسى اللهُ أن يرتاحَ يوماً برحمة ٍ … فيُنصِفَني من فاضحي ومروِّعي
لَعَمْري لشتَّى بينَ حرَّانَ هائمٍ … وبينَ رخيٍّ بالُهُ ومُتَودِّعِ
كتمتُ اسمَها كتمانَ من صانَ عِرضَهُ … وحاذَرَ أنْ يَفْشُو قَبيحُ التّسَمُّعِ
فسمِّيتُها فوزاً ولو بُحتُ باسمها … لَسُمّيتُ باسمٍ هائلِ الذّكرِ أشنَعِ
فَوَا حَسرَتي إن نُحْتُ لم تُقضَ نهمتي … ولم يُغنِ عنّي طولُ هذا التّضَرُّعِ
وهَبتُ لها نَفسي فضَنّتْ بوَصْلِها … فيَا لكَ من مُعطٍ ومن مُتَمَنِّعِ
إليكِ ، بنفسي أنتِ ، أشكو بَليَّتي … وقد ذُقتُ طعمَ الموْتِ لوْلا تَشَجُّعي
هبي لي دمي لا تقتليني بلا دمٍ … فما يَستَحِلُّ القَتلَ أهلُ التّوَرُّعِ
إذا ذكرَتْكِ العينُ يوْماً تَبادَرَتْ … دُمُوعي على الخَدّينِ تَجري بأرْبَعِ
فيا كلَّ همِّي أَقطِعيني قطيعة ً … من الوَصلِ تَبقَى لي ولَوْ قدرَ إصْبعِ
أنا لكِ مَملُوكٌ فإنْ شِئْتِ عذّبي … وإن شئتِ مُنِّي، أيّ ذا شئتِ فاصْنَعي
تُريدين إلاّ مُشْفِقاً ذا نَصِيحة ٍ … فدونكِ حبلَ الطَّائعِ المتطوِّعِ
علامة ُ ما بيني وبينَكِ أنْ تَرَيْ … كتاباً عليهِ فصُّ خَتْمٍ مُربَّعِ
مُسَلْسَلة ٌ حافاتُهُ في لطافة ٍ … وفي نقشهِ : يا أُذْنَ فوزٍ تَسَمَّعِي
تَمَنّيْتُ أن تُسقَيْ منَ الحُبّ شَرْبتي … وأنْ تَرْتَعي من لوْعة ِ الحُبّ مَرْتَعي
وأن تُصبحي صُبحي قد بُليْتُ وإنَّني … متى ما أقُلْ قد غاضَ دَمعيَ يَهمَعِ
وَرَدْتُ، وبعضُ الوِردِ فيهِ مَرارَة ٌ، … حِياضَ الهوى من كلِّ أفيَحَ مُترَعِ
فما زِلتُ أحسُوها بكأسَينِ كُلّمَا … شرِبتُ بكأسٍ لم تَزلْ أُختُها مَعي
أديرُهما من كلِّ حوضٍ إلى فمي … فَطُوْراً لإدْلاءٍ وطَوْراً لمَجرَعِ
على عَطَشٍ حتى بَدَتْ وهيَ مَشرَعٌ … حياضُ الهوى من بعد إيراد مشرعي
وولّيتُ قد زلَّتْ لُسُكري مفاصلي … أميل كجِذعِ النَّخلة ِا لمتَزعزعِ