أتخطر في بالي خطرت فليتني – زكي مبارك
أتخطر في بالي خطرت فليتني … وقد ثار ما خطرت على بالي
سنون من الأفراح كانت لنورها … مشاعل يذكيها من الحب مشعالي
تجافيت عني كيف تلك جنايةٌ … ستذكرها يوما إذا حان إقبالي
تباعدت حتى خلت أني معذب … بدهري وأهلي في الحياة وآمالي
لقد كنت في بغداد وخي صبابة … يصافحها روحي على رغم عذّالي
ستذكر في مصر الجديدة ليلة … قضينا بها ما ليس يخطر في البال
أتهجر بيتي أنت آهاً ولوعة … لأنك في القلب المتيّم أشغالي
ذنوبي وما ذنبي لديك ولم تكن … سوى خاطر يهتاج في الحب بلبالي
ستذكر أياماً لنا وليالياً … وأنت بروح الروح في المنزل العالي
تذكرت ما كنا عليه فلم أجد … سوى دمعة أبكى بها الزمن الخالي
طغت دجلةٌ فازداد شوقي لروحكم … وجدت بدمع هائم الروح سلسال
تذكرت أيام الفراتين والهوى … يزلزل قلبي بالجوى كل زلزال
تذكرت يوما لن يعود لأنني … أرى ودك المنشود قبضة ارمال
سأعصم روحي من هواك فإنني … عصام لنفسي من زماني ومن حالي
بكيتُ عليكم لا بكيت ولا بكى … عليكم طوال الدهر أهل ولا آل
أحلتم زماني جمرة من شكاية … هي الهول في بؤس النعيم وأهوال
أحاول نسيان الذي كان بيننا … فيزفر قلب بالجوى المرّ هطال
أدارة ليلى آه إني لعاشق … تساوره في الحب حال وأحوال
أدارة ليلى كيف أنت فإنني … أنا العمّ يا ليلى وإني أنا الخال
بكت دجلة عني ففاضت دموعها … وللدمع دمع الروح في الحب أشكال
تعالوا أعينوني على موج لوعةٍ … يؤجّجها طاغ من الوجد قتال
مضى زمنٌ لم ألق ليلى وأهلها … وسوف تغالى في القطيعة أزمان
إذا ما سكبت الروح أرجو لقاءها … تراعد أملاك هناك وسكان
لطاف كأجفان العيون لواحظ … وهم عند وقد الحرب للبيض أجفان
ليوثٌ غضاب البطش عند قتالهم … وهم عند ساعات اللطائف خلّان
بكت أدمعي عنهم فكانت لأدمعي … على بخلها في ارض دجلة طوفان
لقد ألهمتني الشعر بغدادُ فلتعش … ولي من هواها في مدى الدهر بغداد
تبغددت حتى قيل إني مبغددٌ … له في ثرى الفردوس والخلد ميعاد
منازل أحبابي ومهوى صبابتي … لكل هوى في القلب والروح ميلاد
إذا ذكرت بغداد والقلب هاجدٌ … صحا واستثارته غيومٌ وأرعاد
أحاور ليلى أسأل الليل عن هوى … له في شعاب القلب والروح أصفاد
أدجلة تطغى والزمان مسالمٌ … وقد سكن البتّار وانقضت الحربُ
ألم يكف في بغداد ما الحبّ صانعٌ … وأخطر ما يرمى القلوب هو الحب
إذا ما التقت عينٌ بعين تصاولت … كتائب لا روح لديها ولا قلب
خذوني إليكم أشرب الماء كله … وأنقذكم منه فيندفع الكربُ
شجوني وأحزاني كثارٌ … يطيب لهذا الدهر من ذلك الحزن
لقد أغرقت قلبي الهموم فما الذي … تروم الليالي من عذابي ومن بيني
تغرّبت في الدنيا فلا مصر دارتي … ولا أنا آوٍ في الحياة إلى ركن
همومٌ كأثقال الجبال حملتها … وما لهموم الدهر عندي من وزن
فتىً عبقريُّ الروح لا الناس أهلهُ … وليس له عند الكريهة من خدن
إذا صحّ رأي الناس يوما فهللوا … هوى رأيهم في القاع ثم علا ظني
لقد رامت الخمسون ما رام بغيها … فلا تسألوني عن حياتي وعن سنى
ولا تطلبوا منى جزاء لدينكم … كفى ما أخذتم من بياني ومن ردني
تناوشني الدنيا وكيف لأنني … أقاتلها والقتل يتبعه القتل
ومن أنت يا دنيا وما لهو جارةٍ … إذا طردت يوما فليس لها أهل
سأسحق هذه العقرب الدون سحقةً … بنعلى وتأديب النساء هو النعل
فلا تعجبي من غضبتي وشراستي … فإني امرؤٌ ما في الوجود له مثلُ