أإن تحدَّث عصفورٌ على فننِ – مهيار الديلمي
أإن تحدَّث عصفورٌ على فننِ … أنكرتُ يومَ اللّوى حلمي وأنكرني
ما كنتُ قبل احتبالي في الحنينِ له … أخافُ أن بُغاثَ الطير تقنصني
زقا فذكَّرني أيامَ كاظمة ٍ … عمارة الدار من لهوٍ ومن ددنِ
أشتاق ميّا ويشكو فقدَ أفرخهِ … لقد أبنتُ عن الشكوى ولم يبنِ
دلَّت على الحزنِ ريشاتٌ ضعفن به … عن نهضة ٍ ودليلُ الحبِّ في بدني
من راكبٌ حملت خيرا مطيّته … بل ليتها موضعَ الأرسانِ تحملني
مذكِّرٌ تسعُ الحاجاتِ حيلته … إذا ندبتُ إليها ضيّقَ العطنِ
عج بالقبابِ على البيضاء تعمرها … بيضٌ تخالُ بها البيضاتِ في الوكنِ
فاصدع بذكري على العلاّت واكنِ لهم … عن ميَّة ٍ بهن إن شئتَ أو بهنِ
وقل مضلٌّ ولكن من نشيدتهِ … شخصٌ تولَّد بين البدرِ والغصنِ
عنَّتْ له أمُّ خشفٍ من كرائمهم … سمَّى الهوى عينها جلاَّبة َ الفتنِ
رأت مشيبا يروع اللحظَ واستمعتْ … شكوى فأصغت لأمر العين والأذنِ
عافت من الشيب وسما ما اغتبطتُ به … يا ليت عالطَ هذا الوسمِ أغفلني
زمَّت قناعا وأحرى أن تنصِّفه … إن افتلتْ رأسها يوما يدُ الزمنِ
وما عليها ونفسُ الحبّ سالمة ٌ … من ناعياتٍ تحاشيها وتندبني
لها شبابُ الهوى منّى ونضرته … والشيبُ إن كان عارا فهو يلزمني
وإن تكن باختلاف الشَّعر معرضة ً … تنكّرتني فبالأخلاق تعرفني
أنا الذي رضيتْ صبري ومنزهتي … وعودي الصُّلبَ والأيامُ تغمزني
قد أرغم الدهرَ تهويني نوائبه … من عزَّ بالصبر في الأحداثِ لم يهنِ
إن سرَّ أو ساء لم تظفرْ مخالبه … منّى بموضع أفراحي ولا حزني
والمالُ عنديَ ماءُ الوجه أخزنُهُ … فإن وجدتُ فمالي غيرُ مختزنِ
ولي من الناس بيتٌ من دعائمه … أمُّ النجوم إذا استعصمتُ يعصمني
بيتٌ سيوفٌ بني عبد الرحيم به … تحمي حمايَ وتدمي من تهضَّمني
لبستُ نعمتهم فاستحصدتْ جنناً … عليّ والدهر يرميني بلا جننِ
علقت منهم ملوكا بالعراق محوا … بجودهم كرم الأذواءمن يمنِ
ما ضرّني بعدما أدركتُ عصرهمُ … ما فاتَ من عصرذي جدنٍ وذي يزنِ
عمُّوا ثرايَ بسحبٍ من نوالهمُ … وخصَّني فضلُ سيبٍ من أبي الحسنِ
رعى عهوديَ يقظانا بذمَّتها … محافظٌ لا يبيع المجدَ بالوسنِ
أغرُّ لا تملك الأيامُ غرَّته … ولا ينام على ضيم ولا غبنِ
يُدوي عداه ويُذوي عودَ حاسده … غيظا وينمى على الشحناء والإجنِ
ضمَّ الكمالُ جناحيه على قمرٍ … في الدَّست يجمع بين الفتك واللسنِ
ترى المدامة َ من أخلاقه عصرتْ … والموتَ إن لم يكن أمرٌ يقول كنِ
كالشهد تحلو على المشتار طعمته … وقد مرى لينه من مطعم خشنِ
جرى ولم تجرِ غاياتُ السنينَ به … لغاية ِ المجد جرى القارحِ الأرنِ
مخلَّقا قصباتُ السبق يفضلُها … ملقى الشكيمة ِ خرّاجا من الرَّسنِ
كفى أخاه التي أعيى القرومَ بها … عينُ الكفاة فلم يضرع ولم يَهنِ
عافَ الأجانبَ واسترعاه همَّته … موفَّقٌ بأخيه عن سواه غني
أدّيتَ مع لحمهُ القربى أمانته … وكلُّ من نصطفيه غيرُ مؤتمنِ
فكلُّ ما نال بالتجريب محتنكٌ … مجرِّبٌ نلته بالظَّنّ والفطنِ
عناية ُ الله والجدُّ السعيدُ بكم … وطبنة ُ المجدِ والعلياءُ في الطَّبنِ
علوتَ حتى نجومُ الأفق قائلة ٌ … حسدتهُ وتساوقنا فأتعبني
وعمَّ جودك حتى المزن تنشدهُ … هذي المكارم لا قعبانِ من لبنِ
ظفرتُ منك بكنزٍ ما نصبتُ له … سعيا ولا كدَّني معطيه بالمنن
مودة ً ووفاءً منصفا وندى ً … سكباً ورأياً بشافيّ السلاح عني
أكذبتُ قالة َ أيامي وقد زعمت … للضيم أنّ زعيم الملك يسلمني
وما ذممتُ زماني في معاتبة ٍ … وحجَّتي بك إلا وهو يخصمني
فلا يُغرْ كوكبٌ منكم ولا قمرٌ … إذا ضللتُ تراءى لي فأرشدني
ولا تزلْ أنت لي ذخرا أعدُّك مس … تثنى ً إذا قلتَ لي من في الخطوب مَنِ
وسالمتك الليالي باقيا معها … حتى ترى الدهرَ همَّاً أو تراه فني
وراوح المهرجانُ العيدَ فاختلفا … عليك ما جرت الأرواح بالسفنِ
وقفا على المدح منصوصا إليك به … محدوّة العيس أو مزجورة ُ الحصُنِ