يمدُّ الدُّجى في لوعتي ويزيدُ – أحمد شوقي

يمدُّ الدُّجى في لوعتي ويزيدُ … ويُبدِىء ُ بَثِّي في الهوى ويُعيدُ

إذا طال واستعصى فما هي ليلة … ولكنْ ليالٍ ما لهنّ عَدِيدُ

أَرِقْتُ وعادتني لذكرى أَحِبَّتي … شجونٌ قيامٌ بالضلوع قعودُ

ومَنْ يَحْمِلِ الأَشواقَ يتعَب، ويَختلفْ … عليهِ قديمٌ في الهوى ، وجديد

لقيت الذي لم يلق قلبٌ من الهوى … لك الله يا قلبي ، أأنت حديد؟

لم أَخْلُ من وجْدٍ عليك، ورِقَّة ٍ … إذا حلَّ غِيدٌ، أَو ترحَّل غِيدُ

وروضٍ كما شاء المحبون ، ظلهُ … لهم ولأسرار الغرام مديدُ

تظللنا والطيرَ في جنباتِه … غصونٌ قيامٌ للنسيم سجود

تمِيل إلى مُضْنَى الغرامِ وتارة ً … يعارضها مُضْنَى الصَّبا فتَحيد

مَشَى في حوَاشيها الأَصيلُ، فذُهِّبَتْ … ومارتْ عليها الحلْيُ وهْيَ تَميد

ويَقْتُلنا لَحْظٌ، ويأْسِر جِيدُ … بأهلٍ ، ومفقودُ الأليفِ وَحيد

وباكٍ ولا دمعٌ، وشاكٍ ولا جوى ً … وجذلانُ يشدو في الرُّبَي ويشيد

وذي كبْرَة ٍ لم يُعْطَ بالدهر خِبْرَة ً … وعُرْيان كاسٍ تَزْدَهيه مُهود

غشيناه والأيامُ تندى شبيبة ً … ويَقْطُر منها العيشُ وهْوَ رَغيد

رأَتْ شفقاً يَنْعى النهارَ مُضَرَّجاً … فقلتُ لها: حتى النهارُ شَهيد

فقالت : وما بالطير ؟ قلت : سكينة ٌ … فما هي ممّا نبتغي ونَصيد

أُحِلَّ لنا الصيدان: يومَ الهوى مَهاً … ويومَ تُسَلُّ المُرْهَفاتُ أُسودُ

يحطِّم رمحٌ دوننا ومهندٌ … ويقلنا لحظٌ ، ويأسر جيدُ

ونحكم حتى يقبلَ الدهرُ حُكْمَنا … ونحن لسلطان الغرام عبيد

أقول لأيام الصبا كلما نأتْ : … أما لكَ يا عهدَ الشباب مُعيد؟

وكيف نأَتْ والأَمسُ آخرُ عهدِها؟ … لأمسُ كباقي الغابرات عهيد

جزعتُ ، فراعتني من الشيبِ بسمة ٌ … كأَني على دَرْبِ المشيبِ لَبيد

ومن عبث الدنيا وما عبثت سدى ً … شببنا وشبنا والزمانُ وليدُ