و حلوُ الدلالِ ، مليحُ الغضبْ ، – ابن المعتز
و حلوُ الدلالِ ، مليحُ الغضبْ ، … يشوبُ مواعيده بالكذبْ
قصيرُ الوفاءِ لأحبابهِ ، … فهمْ من تلونهِ في تعبْ
سَقاني، وقد سُلّ سيفُ الصّبا … حِ ، والليلُ من خوفه قد هرب
عقاراً ، إذا ما جلتها السقا … ة ُ، ألبَسَها الماءُ تاجَ الحَبب
فأصلحَ بَيني وبينَ الزّمانِ، … وأبدَلَني بالهُمومِ الطّرَب
و ما العيشُ إلاّ لمستهترٍ ، … تظلُّ عواذلهُ في شغب
يَهِيمُ إلى كلّ ما يشْتَهي، … وإن رَدّهُ العَذلُ لم يَنجذِب
ويَسخو بما قدْ حَوتْ كفُّه، … و لا يتبعُ المنَّ ما قدْ وهب
فكم فضّة ٍ فضّها في سرورِ … يومٍ ، وكم ذهبٍ قد ذهب
ولا صِيدَ إلاّ بِوَثّابَة ٍ … تَطِيرُ عَلى أربَعٍ كالعَذَب
وإن أطلقَتْ مِن قِلاداتِها، … وطارَ الغبارُ وجدّ الطّلَب
فَزَوْبَعَة ٌ من بناتِ الرّياحِ … تريكَ على الأرضِ شداً عجب
تَضُمُّ الطُّريدَ إلى نَحرِها، … كضَمّ المحِبّ لمَن قد أحبّ
ألا ربّ يومٍ لها لا يذمُّ ، … أراقَت دماً، وأغابَت سَغَب
لها مجلِسٌ في مَكانِ الرّديفِ، … كتركية ٍ قدْ سبتها العرب
ومُقلتُها سائِلٌ كُحلُها، … و قد جليتْ سبجاً من ذهب
فظلتْ لحومُ ظباءِ الفلاة ِ … على الجَمرِ مُعجَلة ً تُنتَهب
و طافتْ سقاتهمُ يمزجون … بماءِ الغَديرِ بناتِ العِنَب
و حثوا الندامى بمشمولة ٍ ، … إذا شاربٌ عبّ فيها قطَب
فراحُوا نَشاوَى بأيدي المُدامِ، … وقد نَشطوا عن عِقالِ التّعَب
إلى مجلسٍ أرضه نرجسٌ ، … وأوتارُ عِيدانِه تَصطخِبْ
و حيطانه خراطُ كافورة ٍ ، … وأعلاه من ذَهَبٍ يَلتهِب
فيا حسنه ، يا إمامَ الهدى ، … و خيرَ الخلائفِ نفساً واب
غذا ما تربعَ فوقَ السريرِ ، … و بالتاجِ مفرقهُ معتصب
له راحة ٌ ، يا لها راحة ً ، … ترَى جدّ نائِلِها كاللّعِب
و أهيبَ ما كان عندَ الرضى ، … و ارحمَ ما كان عندَ الغضب
وكم قد عَفا وأقرّ الحياة َ … في آيسٍ قلبه يضطرب
على طرف العيسِ قد حدقت … إليه المنايا، وكادَت تَثِب
وما زالَ مُذْ كان في مَهدِهِ، … ملياً خليقاً بأعلى الرتب
كأنّا نَرَى الغيبَ في أمْرِهِ، … بأعينِ ظنًّ لنا لم تخب
ونَسترزِقُ الله تمليكَه، … ونَستعجِلُ الدّهرَ فيما نُحِب
ويَبدو لنا في المَنامِ الخَيالُ … بما نَشتهِيهِ، فتُنفَى الكُرَب
بشارة ُ ربٍّ لنا بُلّغَت، … وكانَت لتَعجِيلِ شُكرٍ سَبب
إلى أن دعتهُ إلى بيعة ٍ ، … فكم عتقِ رقًّ ، ونذرٍ وجب
وَرِثتَ الخلافة َ عن والدٍ، … فأحرزتَ ميراثهُ عن كثب
ولم تَحوِها دونَ مُستوجِبٍ، … و لا صادها لكَ سهمُ عزب
فلا زِلتَ تَبقَى وتُوقى لنَا، … خطوبَ الزمانِ ، وصرفَ النوب