وغانية ٍ لما رأتنيَ أعولتْ – بهاء الدين زهير
وغانية ٍ لما رأتنيَ أعولتْ … وقالتْ عجيبٌ يا زهيرُ عجيبُ
رَأتْ شعَراتٍ لُحنَ بِيضاً بمَفرِقي … وغصنيَ من ماءِ الشبابِ رطيبُ
لقد أنكرتْ مني مشيباً على صباً … وقالتْ مشيبٌ؟ قلتُ ذاكَ مشيبُ
ومَا شِبتُ إلاّ من وَقائِعِ هَجرِها … على أنّ عهدي بالصبا لقريبُ
عرَفتُ الهوَى من قبلِ أنْ يُعرَفَ الهوَى … وَما زالَ لي في الغيبِ منهُ نَصِيبُ
وَلم أرَ قَلباً مثلَ قلبي مُعَذَّباً … لهُ كلّ يومٍ لوعة ٌ ووجيبُ
وكنتُ قدِ استَهوَنتُ في الحبّ نظرَة ً … وَقد صارَ منها في الفُؤادِ لَهيبُ
ترَكتُ عذولي ما أرادَ بقَوْلِهِ … يسفهُ يزري يستخفّ يعيبُ
فَما رابَهُ إلاّ دَماثَة ُ مَنطقِي … وأنيَ مزّاحُ اللسانِ لعوبُ
أرُوحُ وَلي في نَشوَة ِ الحبّ هِزّة ٌ … ولستُ أبالي أنْ يقالَ طروبُ
مُحِبٌّ خَليعٌ عاشِقٌ متَهَتّكٌ … يَلَذّ لقَلبي كُلّ ذا وَيَطيبُ
خلعتُ عذاري بل لبستُ خلاعتي … وصرحتُ حتى لا يقالَ مريبُ
وفى ليَ من أهوى وأنعمَ بالرضا … يَمُوتُ بغَيظٍ عاذِلٌ وَرَقيبُ
فلا عيشَ إلاّ أنْ تدارَ مدامة ٌ … وَلا أُنْسَ إلاّ أنْ يَزُورَ حَبيبُ
وإني ليدعوني الهوى فأجيبهُ … وإني ليثنيني التقى فأنيبُ
رَجوْتُ كَريماً قد وَثِقتُ بصُنْعِهِ … وَما كانَ مَن يرْجو الكريمَ يَخيبُ
فيا من يحبّ العفوَ إنيَ مذنبٌ … ولا عفوَ إلاّ أنْ تكونَ ذنوبُ