هد الحمام لآل عبد مناف – ابن معصوم المدني

هد الحمام لآل عبد مناف … جبلاً أنافَ عُلاه أيَّ مَنافِ

أودى بأبلج من ذؤابة هاشمٍ … يجلو بغرته دجى الأسداف

بالضَّيغم الفتَّاك بَل بالصَّارم الْـ … بَتَّاك بل بالجوهر الشفَّافِ

من لم يزل من بأسه ونواله … مُردي العداة ومُوردَ الأضيافِ

من لم يزل للواردين حياضَه … ذا ماء يُرويهم بعذبٍ صافِ

من لم يزل للقاصدين جنابَه … رحب الفناء موطأ الأكناف

من لم يزل للطَّالبينَ علومَه … بالكشف يغنيهم عن الكشاف

من لم يزل يُملي جَليلُ جَميله … أوصافَه العُليا على الوصَّافِ

من كان يطرب من سؤال عفاته … طرب النشاوى من كؤوس سلاف

لله أي رزية ٍ رزئت به … لا يستقال تلافها بتلاف

رغمت أنوف السمهرية والظبى … لما أصبن بمرغم الآناف

بالمورد السمر العطاش من الكلى … يومَ النِّزال ومُطعم الأسيافِ

وتقوضت عمد المواهب والندى … لما رُزئن بواهبِ الآلاف

ومطوق الأعناق من أفضاله … بثقالِ أطواقٍ عليه خِفافِ

أقريش قد ذهب الإلاف فمن لكم … من بعد أحمد في الورى بإلاف

أبني الهواشم إن طودكم هوى … وأرى النفوس على هواه هوافي

ذهب الذي أحيا وجدد فضله … لبني النبي مآثر الأسلاف

وطوى الردى من كان ينشر في الوغى … حُلَلَ الرَّدى قسْراً على الأعطافِ

إني لأقسم عن يمينٍ برة ٍ … قسم المحق ولست بالحلاف

ما خصَّ رزؤك يا ابن فاطم عُصبة ً … لكنه عم الورى بتلاف

هذي جموع المكرمات بأسرها … فصم المنونُ وِفاقَها بِخلافِ

عادت بحار المجد بعدك والعلى … يبساً وآذن ماؤها بجفاف

وغدت نفوسُ أولي العُلى معتلَّة ً … لما ذهبت ولم تجد من شاف

وبنو الرجاء تبدلت أنوارها … بغياهبٍ وشِهادُها بذُعافِ

وتَضعضَعت أركانُ كلِّ قبيلة ٍ … وتشبه الأذناب بالأعراف

والأسد قد فقدت لأجلك بأسها … فغدت براثنُهنَّ كالأظلافِ

من يرتجى للجود بعدك والندى … والفضل والإسعاد والإسعافِ

هيهات إنَّ المكرُماتِ جميعَها … طارت بهن قوادمٌ وخواف

يا دُرَّة ً سمح الزمانُ لنا بها … حيناً وأرجعها إلى الأصداف

لا كان رزؤك في الرزايا إنه … شرقٌ الكرام وغصة الأشراف

عجباً لوجهك كيف إذ غشوه لم … يغشَ العيونَ بنوره الخَطَّافِ

عجباً لنعشك كيف لم يوه الطلى … لما غدا يعلو على الأكتاف

عجباً لمودعك المقابر كيف لم … يودعك بين جوانحٍ وشغاف

عجباً لقبركَ كيف لا يَعلو على … القَمرين في الإشراق والإشرافِ

فُجِىء َ الأنامُ عِشاً بِنعشك سائراً … فتبادروا أركانه بطواف

وفروا من جيوبهم عليك وبادروا … من حسرة ٍ عضاً على الأطراف

ومروا من الأجفان سحب مدامعٍ … تبكي عليك بهاطلٍ وكاف

لا غروَ إذْ كانوا بسوحكَ في غنى ً … عن مربعٍ نَضِرٍ وعن مُصْطافِ

إن كفَّنوكَ فإنَّ جسمَك لم يزل … يختالُ في بُردَيْ تُقى ً وعَفافِ

أو غسلوك فلن تزال مطهر … الأقوال والأفعال والأوصاف

أو حنطوك فلا تزال مطيباً … طيباً تضوعُ به قُرى ً وفيافي

صلَّى عليك اللَّهُ قبل صلاتِهم … وحباك بالرضوان والألطاف

يا سيِّدَ الآباءِ سَمعاً لابنك … المضنى فقد أضناه طول تجاف

قد كنت بي براً وكنت مواصلاً … وجميلُ بِرِّك كافلٌ لي كافِ

فاليوم مالك قد أطلت تجنبي … وهجرتَني هجرَ الحبيبِ الجافي

أجَفاً وما عوَّدتني منك الجَفا … وعظيم حزني ليس عنك بخاف

لا بل طوتكَ يدُ البِلى ومُنِعتَ عن … رد الجواب لسائلٍ ولعاف

ولو استطعتُ لكَ الفِداء لكُنْتُه … ووقيتُ جسمك من ثَرى الأجْدافِ

لكنَّني باقٍ على حُسن الوفا … حتى أراكَ به على الأعْرافِ

لا زال يُتحفُكَ الالهُ برحمة ٍ … من فضله بلطائفِ الاتحافِ

وعليك مني ما حييت تحية ٌ … تغشى ضريحك دائماً وتوافي