نادى حَشا الأمّ بالطفل الذي اشتملت – أبوالعلاء المعري

نادى حَشا الأمّ بالطفل الذي اشتملت … عليه: ويحكَ لا تظهرْ ومُتْ كَمَدا

فإنْ خرجتَ إلى الدّنيا لقِيتَ أذىً … من الحوادث، بَلْهَ القيظَ والجَمَدا

وما تَخَلّصُ يوماً من مكارِهِها، … وأنتَ لا بدّ فيها بالغَ أمَدا

ورُبّ مثلِكَ وافاها على صِغَرٍ، … حتى أسَنّ، فلم يُحمَدْ ولا حَمِدا

لا تأمنِ الكفُّ من أيّامها شَلَلاً، … ولا النّواظرُ كفّاً عَنّ، أو رَمَدا

فإنْ أبَيتَ قَبُولَ النّصح مُعتَدياً، … فاصنعْ جميلاً، وراعِ الواحدَ الصّمدا

فسوفَ تلقى بها الآمالَ واسعةً، … إذا أجزْتَ مدًى منها رأيتَ مَدا

وتركبُ اللُّجّ تَبغي أن تُفيدَ غنىً، … وتقطعُ الأرْضَ لا تُلْفي بها ثَمَدا

وإن سَعِدتَ، فما تَنفكُّ في تَعَبٍ، … وإن شقيتَ، فمن للجِسمٍ لو همَدا؟

ثمّ المنايا، فإمّا أن يُقالَ مضى … ذَميمَ فعلٍ، وإمّا كوكَبٌ خَمَدا

والمرءُ نصلُ حُسامٍ، والحياةُ لَهُ … سَلٌّ، وأصوَنُ للهنديّ أن غُمِدا

فلو تكلّمَ ذاكَ الطّفلُ قالَ لهُ: … إليكَ عنّي فما أُنشئتُ مُعتمِدا

فكيفَ أحمِلُ عَتْباً؟ إن جرى قدَرٌ … عليّ، أدركَ ذا جِدٍّ ومَن سَمَدا