لَقَدْ آنَ أَنْ يَسْتَمْرِىءَ النَّوْمَ سَاهِدُ – خليل مطران
لَقَدْ آنَ أَنْ يَسْتَمْرِىءَ النَّوْمَ سَاهِدُ … وَأَنْ يَسْتَقِرَّ الأَلْمَعِي المُجَاهِدُ
كَأَنِّي بِهِ لِمْ يَقْضِ فِي العُمْرِ سَاعَةً … بِلاَ نَصَبٍ يُضْنِي وَهَمٍّ يُعَاوِد
حَيَاةُ عَنَاءٍ كُلَّمَا رَقِيَتْ بِهَا … إِلَى الخَيْرِ نَفْسٌ صَارَعَتْهَا المَنَاكِدُ
بِرَغْمِ المُنَى أَنْ غُيِّبَ القَبْرَ فَرْقَدٌ … أَضَاءَتْ بِمَا أَضْفَى عَلَيْهَا الفَرَاقِدُ
وَحُجِّبَ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ عَنْ حِمىً … بَكَتْهُ أَدَانِيهِ أَسىً وَالأَبَاعِدُ
شَبِيهٌ بِقتْلٍ مَوْتُهُ حَتْفَ أَنْفِهِ … وَمَا ذَنْبُهُ إِلاَّ العُلَى وَالمَحَامِدُ
وَكُنَّا نُرَجِّي أَنْ يَطُولَ بَقَاؤُهُ … فَعَاجَلَهُ سَهْمٌ مِنَ الغَيْبِ صَارِدُ
رَمَى مِنْ وَرَاءِ الظَّنِّ رَامِيهِ عَامِداً … وَمَنْ يَرْمِ خَتْلاً فَهْوَ جَان وَعَامِدُ
إِلَى مَنْ نُقَاضِيهِ فَتَنْتَصِفُ النُّهَى … وَيَسْلَمُ مِنْهُ الأَكْرَمُونَ الأَمَاجِدُ
أَيَصْدُقُ كُلَّ الصِّدْقِ مَا هُوَ مُوعِدٌ … وَيَكْذِبُ كُلَّ الكِذْبِ مَا هُوَ وَاعِدُ
إِذَا قَامَ فِي ظُلمٍ عَلَى الدَّهْرِ شَاهِدٌ … فَمَا مِثْلُ دَاوُدٍ شَهِيدٌ وَشَاهِدُ
بِقَلْبِي جِرَاحٌ كِيْفَ أَرْجُو انْدِمَالَهَا … وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ رِفَاقِيَ فَائِدُ
يَعِزُ أَسَاهَا مَا حَييتُ وَهَذِهِ … مَآتِمُهُمْ لاَ تَنْقَضِي وَالمَشَاهِدُ
وَيَأْبَى لِيَ السُّلْوَانَ مَا طُفتُ بِالحِمَى … مَوَائِلُ مِنْ آثَارِهِمْ وَمَعاهِدُ
ليَعْذِرْنِيَ الإِخَوْانُ إِنْ جَفَّ مِرْقَمِي … فَقَدْ عَلِمَ الإِخْوَانُ مَنْ أَنَا فَاقِدُ
وَجِسْمِي عَلِيلٌ حَارَ فِيهَ طَبِيبُهُ … وَهَمِّي ثَقِيلٌ قَلَّ فِيهِ المُسَاعِد
وَيُجْهِدُ ذِهْنِي شَاغِلٌ بَعْدَ شَاغِلٍ … فَمِنْ أَيِّ رُوحٍ تُسْمَتَدُّ القَصَائِدُ
حَنَانَيْكَ يَا شَيْخَ الصِّحَافَةِ مَنْ لَهَا … إِذَا مَا اسْتُثِيرَ القَلْبُ وَالقَلْبُ هَامِدُ
شَدِيدٌ عَلَيْهَا أَنْ يَزُولَ بُنَاتُهَا … وَلَمْ تَتَمَكَّنْ أُسُّهَا وَالقَوَاعِدُ
فَمَنْ يَتَصَدَّى لِلشَّدَائِدِ مُرْهِفاً … عَزَائِمَ لاَ تَقْوَى عَلَيْهَا الشَّدَائِدُ
وَمَنْ يَنْبَرِي لاَ هَائِباً غَيْرَ رَبِّهِ … يُحَامِي بِهَا عَنْ قَوْمِهِ وَيُجَالِدُ
وَمِمَّا يَضِيمُ الحُرَّ شِقْوَةُ مَوْطِنٍ … بَنُوهُ نِيَامٌ عَنْهُ وَالحُر ذَائِد
فَهُمْ فِي عَدِيدٍ لِلكِفَاحِ وَعُدَّةٍ … بِعَيْنِ الأَعَادِي وَالمُكَافِحُ وَاحِد
مَلأْتَ الدُّجِى بِالنَّيِّرَاتِ تَخُطُّهَا … حُرُوفاً فَتَهْدِي النَّاسَ وَهْيَ شَوَارِدُ
لَيَالِيكَ كَانَتْ فِي اللَّيَالِي فَرَائِداً … وَهَلْ عَجَبٌ أَنْ تُسْتَرَدَّ الفَرَائِدُ
كَأَنَّكَ تَأْبَى عَوْدَهُنَّ لِلاَقِلىً … وَفِي وُدِّنَا لَوْ أَنَّهُنَّ عَوَائِدُ
ظَلِلتَ تقَاسِيهِن وَالرأْسُ مُطْرِقٌ … وَيُثْقِلُ رَضْوَى بَعْضُ مَا أَنْتَ وَاجِدُ
تُرِيدُ مِنَ الأَحْدَاثِ مَا لاَ يُرِدْنَهُ … فَتَنْحَتُ مِنْ قَلبٍ وَهُنَّ جَلاَمِدُ
دَؤُوباً تُعَنِّي النَّفْسَ حَتَّى تُذِيبَهَا … لِيَصْحُوَ مُعْتَزٌّ وَيَنْهَضَ قَاعِد
وَهَمُّكَ هَمُّ الشَّرْقِ حَتَّى إِذَا بَدَتْ … طَلِيعَةُ فَوْزٍ بَدَّدَتْهَا المَكَايِدُ
فَمِنْ أَيِّ خَصْمَيْهِ تَصُونُ حُقُوقَهُ … وَأَعْدَى لَهُ مِنْ غَاصِبِيْهِ المَفَاسِدُ
إِذَا دَبَّ خُلفٌ مُوهِنٌ فِي جَمَاعَةٍ … أَيُبْلِغُهَا أَدْنَى الأَمَانِيِّ قَائِدُ
سَلُوا أُمَماً بَادَتْ وَمَا تَجْهَلُونَهَا … تُبَصِّرُكُمْ أَعْيَانُهُنَّ البَوَائِد
لِدَاوُدَ كَانَتْ فِي كِفَاحَيْهِ خُطَّةٌ … يُلاَيِنُ فِيهَا تَارَةً وَيُعَانِد
مُحِيطاً بِأَطْوَارِ السِّياسِةِ سَاعِياً … بِرِفْقٍ إِلى إِدْرَاكِ مَا هُوَ نَاشِد
عَلِيماً بِمَا يَخْشَاهُ وَهْوَ مَقَارِبٌ … عَلِيماً بِمَا يَرْجُوهُ وَهْوَ مَّبَاعِد
وَأَليَنُ مَا تُلْفِيهِ وَهْوَ مُخَالِفٌ … وَأَثْبَتُ مَا تُلفِيهِ وَهْوَ مُعَاهِد
وَمَا فِكْرُهُ فِي نَهْضَةِ العَصْرِ جَامِدٌ … وَمَا حِسُّهُ فِي مَوْطِنِ البِرِّ جَامِدُ
سَمَاحَةُ نَفْسٍ تَلتَقِي فِي مَجَالِهَا … عَلَى الرُّحْبِ آرَاءُ الوَرَى وَالعقَائِدُ
لَهَا شِرْعَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ نَقِيَّةٌ … مَصَادِرُهَا مَحْمُودَةٌ وَالمَوَارِدُ
غَذَاهَا البَيَانُ العَذْبُ تَهْمِي سَحَابُهُ … وَتُرْوِي البُّهَى أَنْهَارُهُ وَالسَّوَاعِدُ
فُصُولٌ عَلَى تَنوِيعِهَا اجْتَمَعَتْ بِهَا … إِلَى طُرَفٍ مِنْ كُلِّ ضَرْب فَوَائِدُ
مِنَ الذِّكْرِ وَالتَّارِيخِ فِيهَا ضَوَابِطٌ … وَفِيهَا مِنَ الخُبْرِ الحَدِيثِ أَوَابِدُ
فَلاَ زَعْمَ إِلاَّ أَيَّدَتْهُ أَدِلَّةٌ … وَلاَ حُكْمَ إِلاَّ وَطَّدَتْهُ شَوَاهِدُ
قَلِيلٌ لِدَاوُدَ الَّذِي قَلَّدَ النهَى … حِلىً لاَ تُبَاهَى أَنْ تُصَاغَ القَلاَئِد
تَعَدَّدَ مَا تَهْوَى العُلَى فِي خِصَالِهِ … فَمِنْ حَيْثُ تَبْغِي وَصْفَهُ فَهْوَ فَارِدُ
يَفِي لِمُوَالِيهِ وَلَمْ يَتَعَاقدَا … كَمَا يُنْفِذُ الصَّكُّ الأَمِينُ المُعَاقِد
وَيَغْفِرُ لِلخِدْنِ المُجَافِي جَفَاءَهُ … وَلَوْ أَنَّ ذَاكَ الخِدْنُ لِلفَضْلِ جَاحِد
فَإِنْ يَرَ شَيْئاً فَهْوَ لِلعُذْرِ قَابِلٌ … وَإِنْ يَرَ زَيْناً فَهْوَ جَذْلاَنُ حَامِدُ
وَلاَ يَتَعَدَّى الحَدَّ فِي نَقْدِ زَائِفٍ … إِذَا مَا تَعَدَّى ذلِكَ الحَدَّ نَاقِد
وَيَرْعِى ذَوِي رِعَايَةَ وَالِدٍ … فَأَبْنَاؤُهُ كُثْرٌ وَمَا هُوَ وَالِدُ
وَيُدْرِكُ أَقْصَى الآمِلِينَبِجُودِهِ … كَأَنَّ لَهَّ وُجْداً وَما هُوَ وَاجِدُ
تَحَدَّثْ إِلى شَتَّى الجَمَاعَاتِ تُلْفِهَا … ثَكَالى وَقَدْ بَانَ العَمِيدُ المُنَاجِد
رَئِيسٌ وَيَأْبَى طَبْعُهُ أَنْ يَكُونَهُ … فَتُلْقَى عَلَى كُرِهٍ إِلَيْهِ المَقَالِد
فَذَلِكَ دَاودُ الحَليمُ وَرُبَّمَا … تَنَكَّرَ مَعْرُوفٌ وَنَكَّبَ قَاصِد
إِذَا سَامَهُ خَسْفاً عَتِيٌّ وَمَارِد … ثَنَاهُ إِلَى المُثْلَى عَتِيٌّ وَمَارِدُ
يُلأْلِيءُ تَحْتَ الحَاجِبِ الجَثْلِ لَحْظُه … كَمَا شَبَّ تَحْتَ الغَيْهَبِ النَّارَ وَاقِدُ
وَتَبْدُرُ مِنْهُ غَضْبَةٌ جَبَلِيَّة … لَهَا جُؤْجُؤٌ يَوْمَ الحِفَاظِ وَسَاعِدُ
بَنِي بَرَكَاتٍ إِنْ جَزِعْتُمْ فَرُزْؤُكُمْ … تُعَافُ لَهُ الدنْيَا وَتُجْفَى الوَسَائدُ
وَلَكِنْ أَسَا آسِي القُلُوبِ جِرَاحَكُمْ … بِمَا لاَ يُوَارِيهِ طَرِيفٌ وَتَالِدُ
شَجَا مَا شَجَاكُمْ أُمَّةَ الضَّادِ كُلَّهَا … فَقَيْسُونُ مُهْتَزٌّ وَلُبْنَانُ مَائِد
وَمَرَّ الفُرَاتُ العَذْبُ وَارْتَاعَ دِجْلَةٌ … وَشَجَّتْ كَأَجْفَانِ الكَظِيم الرَّوَافِدُ
وَفِي مِصْرَ شَعْبٌ مَائِجٌ فِي رِحَابِكُمْ … تَقَاطَرَ يَتْلُو وَافِداً مِنْهُ وَافِدُ
دعَاه الوَفاءُ المَحْضُ وَالكَرَمُ الَّذِي … تَعَوَّدَهُ فِيهِ مَسُودٌ وَسَائِدُ
مَوَاكِبُ سَارَتْ بِالجِنَازَةِ لَمْ تُسَقْ … إِلَيْهَا وَلَمْ يُغْلِظْ عَلَيْهَا مُنَاشِد
تَقَاصَرَ عَنْهَا طَرْفُ كُلِّ مُشَاهِدٍ … وَطَالَتْ فَلَمْ يُدْرِكُ مَدَاهَا مُشَاهِدُ
كَفَى سَلوَةً أَنْ شَاطَرَ الشَّرْقُ حُزْنَكُمْ … عَلَى أَنْ مَنْ تَبْكونَ حَي وَخَالِد