لأسماء إذ أهلي لأهلك جيرة – الفرزدق
لأسْمَاءَ، إذْ أهْلي لأهْلِكِ جِيَرَةٌ، … وَإذْ كُلُّ مَوْعُودٍ لها أنْتَ آمِلُهْ
تَسُوفُ خُزَامَى المِيثِ، كلَّ عَشيّةٍ، … بِأزْهَرَ كالدّينَارِ حُوٍّ مَكَاحِلُهْ
لها نَفَسٌ بَعْدَ الكَرَى من رُقادِها، … كَأنّ فُغامَ المِسْكِ باللّيْلِ شامِلُهْ
فإنْ تَسأليني كَيْفَ نَوْمي فَإنّني … أرى الهَمَّ أجفاني عن النّوْمِ داخلُهْ
وَقَوْمٌ أبُوهُمْ غالِبٌ أنا مالهُمْ، … وَعامٌ تَمَشّى بِالفِرَاءِ أرامِلُهْ
وَمَجدٌ أذُودُ النّاسع أنْ يَلحَقوا بهِ، … وَما أحَدٌ أوْ يَبلُغَ الشّمسَ نَائِلُهْ
أنَا الخِنْدِفيُّ الحَنْظَليُّ الّذي بِهِ، … إذا جَمَعَتْ رُكبَانَ جَمعٍ مَنازِلُهْ
على النّاسِ مالاً يَدُفَعُونَ خَرَاجَهُ، … وَقَرْمٌ يَدُقّ الهَامَ وَالصّخرَ بازِلُهْ
أرَى كُلّ قَوْمٍ وَدَّ أكْرَمُهُمْ أباً، … إذا مَا انْتَمَى، لَوْ كانَ مِنّا أوَائِلُهْ
فَخَرْنا، فَصُدِّقْنا، على النّاسِ كُلّهُمْ، … وَشَرُّ مَسَاعي النّاسِ والفَخرِ ألَمّا يُنِلْ للنّاسِ أنْ يَتَبَيّنُوا،
فَيُزْجَرَ غَاوٍ أوْ يَرَى الحَقَّ عاقِلُهْ … وَكُلُّ أُنَاسٍ يَغْضَبُونَ على الّذي
لَهُمْ، غَيرَنا، إذْ يَجعَلُ الخَيرَ جاعِلُهْ … إلَيْكَ ابن لَيْلى يا ابن لَيلى تجَوّزَتْ
فَلاةً وَداويّاً دِفاناً مَنَاهِلُهْ … تُجِيلُ دلاءُ القَوْمِ فيه غُثَاءَهُ،
إجَالَةَ حَمِّ المُسْتَذِيبَةِ جَاِمِلُهْ … لهَا صَاحِبَا فَقْرٍ عَلَيْها، وَصَادِعٌ
بها البِيدَ عادِيٌّ ضَحُوكٌ، مناقِلُهْ … تُرِيدُ مَعَ الحَجّ ابن لَيْلى، كِلاهُما
لصَاحِبِهِ خَيرٌ تُرَجّى فَوَاضِلُهْ … زِيارَةَ بَيْتِ الله وَابنِ خَلِيفَةٍ،
تْحَلّبُ كَفّاهُ النّدَى وَأنَامِلُهْ … وَكَانَ بِمصْرَ اثْنانِ ما خافَ أهلُها
عَدُوّاً، ولا جَدْباً تُخافُ هَزَايلُهْ … لَدُنْ جَاوَرَ النّيلَ ابنُ لَيْلى، فإنّهُ
يَفيِضُ على أيدي المَساكِينِ نايِلُهْ … فأصْبَحَ أهْلُ النّيلِ قَدْ سَاءَ ظَنُّهُمْ
به وَاطمأنّتْ بَعد فَيضٍ سَوَاحِلُهْ … أرَى النّاس إذْ خَلّى ابنُ لَيلى مكانَهُ
يَطُوفون للغَيْثِ الذي ماتَ وَابِلُهْ … كمَا طاَفَ أيْتَامٌ بِأُمٍّ حَفِيّةٍ
بهِمْ، وَأبٍ قَدْ فارَقَتِهُمْ شَمايلُهْ … فَقُلْ لليَتَامَى وَالأرَامِلِ وَالّذِي
تُريدُ بِهِ أرْضَ ابن لَيلى رَوَاحِلُهْ … يَؤمّ ابن لَيْلى خَائِفاً مِنْ وَرَائِهِ،
وَيَأمُلُ مَنْ تُرْجَى لَدَيه نَوَافِلُهْ … فَإنَ لَهُمْ مِنْهُ وَفَاءَ رَهِينَةٍ
بأخْلاق الجُلّى تَفيضُ جَداوِلُهْ … أغَرُّ نَمَى الفارُوقُ كَفّيْهِ للعُلى،
وَآلُ أبي العَاصِي، طِوالٌ مَحامِلُهْ … أرادَ ابنَ عَشْرٍ أنْ يَنَالَ التي غَلَتْ
على الشِّيبِ من مَجدٍ تَسامى أطاوِلُهْ … فَوُرّعَ تَوْرِيعَ الجِيَادِ عِنَانُهُ،
فما جاء حتى ساوَرَ الشمس ألمْ تَرَ أنّ النّيلَ نَضّبَ مَاءهُ، … وَماتَ النّدى بَعد ابنِ لَيلى وَفاعِلُهْ
وَمُرْتَهنٍ بِالمَوْتِ غَالٍ فِداؤهُ، … تُسَنّيَ عَنْهُ يا ابن لَيْلى سَلاسِلُهْ
وَما ضَمِنَتْ مثل ابن ليلى ضَرِيحَةٌ؛ … وَمَا كان حَيٌّ، وَهوَ حَيٌّ، يُعادِلُهْ