فكفي أراني ويك لومك ألوما – المتنبي

فكُفّي أرَاني، وَيْكِ، لَوْمَكِ ألوَما … هَمٌّ أقَامَ عَلى فُؤادٍ أنْجَمَا

وَخيَالُ جِسْمٍ لم يُخَلّ له الهَوَى … لَحْماً فَيُنْحِلَهُ السّقامُ وَلا دَمَا

وَخُفوقُ قَلْبٍ لَوْ رَأيتِ لَهِيبَهُ … يا جَنّتي لَظَنَنْتِ فيهِ جَهَنّمَا

وَإذا سَحابَةُ صَدّ حِبٍّ أبْرَقَتْ … تَرَكَتْ حَلاوَةَ كُلّ حُبٍّ عَلقَمَا

يَا وَجْهَ داهِيَةَ الّذي لَوْلاكَ مَا … أكلَ الضّنى جسدي وَرَضّ الأعظُمَا

إنْ كَانَ أغْنَاهَا السُّلُوُّ فإنّني … أمْسَيتُ مِنْ كَبِدي وَمنها مُعْدِمَا

غُصْنٌ عَلى نَقَوَيْ فَلاةٍ نَابِتٌ … شمسُ النّهارِ تُقِلُّ لَيلاً مُظْلِمَا

لمْ تُجْمَعِ الأضدادُ في مُتَشَابِهٍ … إلاّ لتَجْعَلَني لغُرْمي مَغْنَمَا

كَصِفاتِ أوْحَدِنَا أبي الفَضْلِ التي … بَهَرَتْ فأنْطَقَ وَاصِفِيهِ وَأفْحَمَا

يُعْطيكَ مُبْتَدِراً فإنْ أعْجَلْتَهُ … أعطاكَ مُعْتَذِراً كَمَنْ قد أجرَمَا

وَيَرَى التّعَظّمَ أن يُرَى مُتَواضِعاً … وَيَرَى التّواضُعَ أنْ يُرَى مُتَعَظِّمَا

نَصَرَ الفَعالَ عَلى المِطالِ كأنّمَا … خَالَ السّؤالَ عَلى النّوالِ مُحَرَّمَا

يا أيّهَا المَلَكُ المُصَفّى جَوْهَراً … من ذاتِ ذي المَلكوتِ أسمى من سَمَا

نُورٌ تَظاهَرَ فِيكَ لاهُوتِيُّهُ … فتَكادُ تَعْلَمُ عِلْمَ ما لَنْ يُعْلَمَا

وَيَهِمُّ فيكَ إذا نَطَقْتَ فَصاحَةً … من كُلّ عُضوٍ مِنكَ أنْ يَتَكَلّمَا

أنَا مُبْصِرٌ وَأظُنّ أنّي نَائِمٌ … مَنْ كانَ يَحْلُمُ بالإلَهِ فأحْلُمَا

كَبُرَ العِيَانُ عَليّ حتى إنّهُ … صارَ اليَقِينُ مِنَ العِيانِ تَوَهُّمَا

يَا مَنْ لجُودِ يَدَيْهِ في أمْوالِهِ … نِقَمٌ تَعُودُ على اليَتَامَى أنْعُمَا

حتى يَقُولُ النّاسُ مَا ذا عَاقِلاً … وَيَقولُ بَيْتُ المالِ مَا ذا مُسْلِمَا

إذكارُ مِثْلِكَ تَرْكُ إذكاري لَهُ … إذْ لا تُرِيدُ لِمَا أُريدُ مُتَرْجِمَا