شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ – عبدالغفار الأخرس

شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ … وتوالى البشرُ منه والسرورُ

قَرَّتِ الأعينُ في طلعته … مُذ بدا وانشرَحَتْ منا الصدور

أشرقت في أفقنا وانتهجت … وكذا تطلعُ في الأفق البدور

يرفع الجورَ ويبدي عدله … منصفٌ بالحكم عدلٌ لا يجور

أوتيَ الحكمة َ والحكم وما … هُوَ إلاّ العالم البحر الغزير

فَوَّض الأمر إليه مَلِكٌ … ما جرتْ إلاّ بما شاء الأمور

من وزير أصْبَحت آراؤه … يسعد السلطان فيها والوزير

كان سر اللّطف مكنوماً وقد … آنَ للرحمة واللطف الظهور

من أمير المؤمنين انبعثتْ … حبّذا المأمورُ فيها والأمير

دولة ٌ أيَّدها الله به … فَلَقَدْ طالتْ وما فيها قصور

وبشيرٌ لمليكٍ همُّهُ … أنْ يرى الناس وما فيهم فقير

أنتَ سيفٌ صارِمٌ في يده … وسحابٌ من أياديه مطير

أنتَ ظلٌّ مدَّه الله على … أهل هذا القطر أن حان الهجير

جئتَ بالبأس وبالجود معاً … إنّما أنتَ بشيرٌ ونذير

تمحقُ الباغين عن آخرهم … مثلما يحمو الدجى الصبحُ المنير

أصلحتْ بيضك ما قد أفسدوا … وكبا بالمفسد الجدُّ العثور

في حُروب تدرك الوتر بها … حاضَتِ البِيضُ بها وهي ذكور

عُدْتَّ منصوراً بجيشٍ ظافرٍ … وجَنابُ الحقِّ مولانا النَّصيرُ

بذلوها أنفساً عن طاعة … ضمنها الفوزُ وعقابها الحبور

تخطفُ الأرواح من أعدائها … مثلما تختطفُ الطيرَ الصقور

إنّما قرّبَتهم عن نَظَرٍ … ما له في هذه الناس نظير

عارفاً إخلاص من قرَّبته … ولأنتَ الناقدُ الشهمُ البصير

فتحتْ باباً لراجيك يدٌ … سدِّدتْ في حدّ ماضيها الثغور

وحمى أطرافها ذو غيرة … من مواضيك صليلٌ وزئير

مهلكٌ أعداءك الرعبُ كما … أهلكتْ عاداً من الريح الدبروُ

يا لك الله مشيراً بالذي … يُرتضى منه وبالخير مُشير

فإذا حادَ فغيثٌ ممطرٌ … وإذا حاربَ فالليث الهصور

وإذا حلّ بدارٍ قد بغتْ … حلَّ فيها الوبل منه والثبور

إنْ تسلْ عمَّن بغى في حكمه … فقتيلٌ من ظباه وأسير

أوقدوا النار التي أوروا بها … وسعى في هلكهم ذاك السعير

إذ يسير النصر في موكبه … معلناً تأييده حيث يسير

كيف لا يرجى ويخشى سطوة ً … لا الندى نزر ولا الباع قصير

وإذا طاشت رجال لم يطشْ … أينَ رضوى من علاه وثبير

ذو انتقام شقي الجاني به … ولمن تاب عفوٌ وغفور

أبْغَضَ الشر فلا يَصْحَبُه … وانطوى منه على الخير الضمير

أنقذَ الأخبار من أشرارها … وشرار الشرّ فيهم مستطير

فالعراق الآن في خفضٍ وفي … مجدك الباذخِ مختال فخور

أنْتَ للناس جميعاً مَوْرِدٌ … ولها منكَ وُرودٌ وصُدورُ

أنتَ للناس لعمري منهلٌ … ونداك السائغُ العذب النمير

هذه البصرة ُ منذ استبشرت … بِكَ وافاها من السعد بشير

حَدَثَت بالقرب من عمرانها … بعدما أخربها الدهرُ المبير

كبقايا أسْطرٍ من زُبُرٍ … بليتْ وابليت تلك السطور

فلعلّ الله أن يعمرها … بك والله بما شاء قدير

تتلافاها وإنْ أشْفَتْ على … جرفٍ هارٍ وأيلتها العصور

لك بالخير مساعٍ جمَّة ٌ … وبما تعزم مقدام جسور

وإذا باشرت أمراً معضلاً … هان فيك الأمر والأمر عسير

قد شَهِدنا فوق ما نسمعه … عنك والقول قليل وكثير

فشهِدنا صحَّة القول وإنْ … قَصَّرَ الرّاوي وما في القول زور

ونشرت الفضل حتى خلته … قام منك البعث حشر ونشور

طلعت من أنجم الشعر بكم … وَبَدَتْ من أُفقه الشّعرى العبور

كلّ يومٍ لك سعدٌ مقبلٌ … وعلى الباغي عَبوسٌ قمطرير