زهَتهُ الملاحةُ حتى سفرْ – مصطفى صادق الرافعي
زهَتهُ الملاحةُ حتى سفرْ … وخلى الدلالَ لذاتِ الخفرْ
وباتَ يسامرُ أهلَ الهوى … وقدْ طابَ للعاشقينَ السمرْ
يحدثنا عن بني عُذْرة … ويروي لنا عن جميلٍ خبرْ
وليلى وعن حبِّ مجنونِها … وعمن وفى للهوى أو غدرْ
ويذكرنا فعلاتِ الردى … بأهلِ البوادي وأهلِ الحضرْ
كحظِّ السعيدِ إذا ما ارتقى … وحظِّ الشقيِّ إذا ما انحدرْ
أرى كل شيءٍ له آيةٌ … وآيةُ هذي الليالي العبرْ
فيا قمرَ الأفقِ ماذا الزمان … جيلٌ تخلَّى وجيلٌ غبرْ
ويومٌ يمرُّ ويومٌ يكر … فآناً نساءُ وآناً نُسرْ
بربكَ هل بالدجى لوعةٌ … فإن غابَ عنهُ سناكَ اعتكرْ
كغانيةٍ فارقتْ صبَّها … فأرختْ غليها حدادَ الشعرْ
إذا ما سهرنا لما نابنا … فما للنجومِ وما للسهرْ
أترثي لمن باتَ تحتَ الدجى … يُقَلِّبُ جنبيهِ حرُّ الضجرْ
على لوعةٍ يصطلي نارَها … وحرُّ الهوى في حشاهُ استعرْ
وقد بسطَ البدرُ فوقَ الثرى … بساطاً فنامَ عليهِ الزهرْ
إلى أن طوتهُ يمينُ الصَّبا … وقد بللتهُ عيونُ السحَرْ
وباحَ الصباحُ بأسرارهِ … فحجبتِ الشمسُ وجهَ القمرْ