رقص الهزار على الغصون الميس – إبراهيم اليازجي

رقص الهزار على الغصون الميس … لما جرى في الروض ساقي الأكؤس

وشدا فصفقت الجداول بهجة … وتنبهت طرباً عيون النرجس

وأطلت الأزهار من أكمامها … تفتر عن درر الحيا المتبجس

ألقى عليها الصبح بيض رياطه … فطلعن بين مورد ومورس

وسرى النسيم على جوانبها وقد … حيا فحيته بخفض الأرؤس

وحبته طيب شذا كأن أريحه … من مدح ذي الشرف السني الأقدس

السيد الراعي الذي في ظله … وجدت خراف الله أمنع محرس

هو بطرس الحبر المعظم من نفي … إيمان بطرس عنه عثرة بطرس

طهرت وبرت منه نفس حرة … بشوائب الأيام لم تتدنس

متزمل بالطيلسان ودونه … يبدو من التقوى بأبهى ملبس

لم تأخذ الغفلات منه مقلة … سهرت لتنبيه العيون النعس

هذا إناء الحكمة البر الذي … بيهاء أنوار المهيمن قد كسي

بحر تدفق بالزلال وجاءنا … بأجل من در البحار وأنفس

ذرب النهي برزت أهله فكره … فرمى خطوب الدهر عن مثل القسي

ماضي البراعة حين نكس رأسها … عنت الصعاب لها برأس منكس

يجلو الحقائق من ستور خفائها … كالصبح ينزع من قتام الحندس

وإذا تصدر قائلاً في مجلس … ألفيت قساً ضمن ذاك المجلس

وإذا ارتقى فوق المنابر خشعت … كلماته قلب الجماد الأملس

وهديته كلما لقد يمنتها … بمقام محراب لديه مقدس

لا زال يزدان الثناء بذكره … مثل الطراز يزين ثوب السندس