راجعت دينك أم عنت لك الذكرُ – بشار بن برد

راجعت دينك أم عنت لك الذكرُ … أم ما بدا لك لا تصحو ولا تقر

هيَ الشِّفَا عَلِقَتْ نَفْسِي حَبَائِلُهَا … إذ لا يقيم ولا يبدو له سفر

يا ويح نفسي أراها كلما انبعثت … ألقى عليها صبابات الكرى القدر

بليتُ والشوق أبلاني تذكرهُ … من غادة ٍ بيتها دانٍ ومهتجرُ

هِيْفَاءُ مُقْبِلَة ً عَجْزَاءُ مُدْبرَة ً … لَمْ تُجْفَ طُولاً ولاَ أزْرَى بهَا القصَرُ

غَرَّاءُ كَالْقَمَرِ الْمَشْهُورِ حِينَ بَدَتْ … لاَ بَلْ بَدَا مِثْلَهَا حِينَ اسْتَوَى الْقَمَرُ

لما رأيت الهوى يبري بمديته … لَحْمِي وحلأَّنِي الزوَّارُ وَالسَّمَرُ

أصبحت كالحائم الحران محتبساً … لم يقض ورداً ولا يرجى له صدرُ

قَالَتْ عُقَيْلُ بنُ كَعْبٍ إِذْ تَعَلَّقَهَا … قلبي فأضحى به من حبها أثرُ

أَنَّى وَلَمْ تَرَهَا تَصْبُو فَقُلْتُ لهم: … إن الفؤاد يرى ما لا يرى البصر

وَصَابِرينَ وَلَوْ يَلْقَوْنَ مِنْ طَرَبِي … معشار عشر عشير العشر ما صبروا

قالوا جهلت بذكراها فقلت لهم: … لاَ بَلْ جُنِنْتُ فَكُفُّوا اللَّوْمَ وَازْدَجِرُوا

ما لان قلبي لناهٍ عن زيارتها … وهل يلين لقلب الواعظ الحجر

لا تكثروا لوم مشغوفٍ بجارية ٍ … لاَ يَشْتَكِي سَهَراً مِنْهَا وَمَا السَّهَرُ

لا يذكر الدهر أو يسري الخيالُ لهُ … إلا تغنى بها أو مسه ضرر

صب كئيبٌ إذا ما ذكرة ٌ خطرت … نَادَى عُبَيْدَة َ حَتَّى يَذْهَبَ الْخَطَرُ

مَا بَالُ عَبْدَة َ لاَتَأوي لمُكْتَئِب … وَالْوَحْشُ يَأوي لَهُ وَالْجِنُّ والْبَشَرُ

من كان معتذراً من حب غانية ٍ … فَلَيْسَ منْ حُبِّهَا ما عَاشَ يَعْتَذِرُ

يرجو عبيدة يوماً أن تجود له … وإن تطاول ما يرجو وينتظر