ثنائي عليك ونعماك فينا – ابن دارج القسطلي

ثنائي عليك ونعماك فينا … كواكب تشرق للعالمينا

تلالأ بالجود مما يليك … عليهم وبالحمد مما يلينا

جواهر فصلتها في سلوك … ملأن الصدور ورقن العبونا

مبرزة السبق في الأولينا … ومأثورة الذكر في الآخرينا

كسبقك في كل علياء حتى … أضر غبارك بالسابقينا

فيا بعد مسراك للمدلجينا … ويا قرب مأواك للرائحينا

فحقا إليك رحلنا المهاري … تقاسمنا جهد ما قد لقينا

أهلة سفر وقفر قطعنا … إليك الشهور والسنينا

نلاقي السيوف إذا ما فزعنا … ونسقي الحتوف إذا ما ظمينا

فطورا نرى العيش ظنا كذوبا … وطورا نرى الموت حقا يقينا

وحقا إليك ركبنا الرياح … مطايا رحلنا عليها السفينا

كأن على لجج البحر منها … هوادج تخفق بالظاعنينا

ولله من أمهات حنين … علينا الظهور وجبن البطونا

تقود المنايا بها حيث شاءت … وتثنى كلاكلها حيث شينا

خطوبا تباذلن منا نفوسا … جلبن لك الحمد غضا مصونا

فعادرن أوطاننا عافيات … وجئن إليك بنا معتفينا

ديارا تسح عليها الدموع … وفيها قتلنا وفيها سبينا

وفيها صدقنا إليك الرجاء … وهن يرجمن فينا الظنوناأ

أهمنا بغربتنا أم هدينا … ومتنا بكربتنا أم حيينا

فإن يعجب الدهر أنا صبرنا … فأعجب من ذاك أنا بقينا

فهل بلغت عن ركاب أجرت … بأن قد سعدن بما قد شقينا

وإني انتحينا إليك المطي … كما قصف العاصفات الغصونا

دأبن كجدك حزما وعزما … وعدن كحلمك عطفا ولينا

وأنك حييتها بالحياة … وأمنتها في ذراك المنونا

وأوطأتها البر حتى سكن … وسقيتها الجود حتى روينا

فأرضيت ربك في ابن السبيل … وفي العائلين من المسلمينا

وأحييت في الأرض فضلا وعدلا … وعطفا وعرفا ودنيا ودينا

ودائع لله في الروض ضاعت … وكنت عليها القوي الأمينا

فوفاك عنا الجزاء الجزيل … ولقاك منا الثناء الثمنيا

وبوأنا منك جنات عطف … جزاك بها جنة الفائزينا

حدائق في غرس يمناك وقفا … على الرائحين أو الطارقينا

كفيل بأثمارها كل حين … غيوث سمائك حينا فحينا

وأزهرها منك للناظرينا … وأبهرها عنك للسامعينا

نفجرها نهرا حيث كنا … ونأكلها رغدا حيث شينا

ذرا جنة كتب الله فيها … لمن شرد الخوف حظا مبينا

وزادت بعدلك أكلا وظلا … فزادت على أمل الآملينا

رأيت لنا موضع الحق فيها … بما قد أرتك المقادير فينا

فنادى نداك بها نحوها … سلام لكم فادخلوا آمنينا

لكم ذمة الله في صدق عهدي … فلا خائفين ولا مخرجينا

فظلت تنفس عن روحها … غريبا سليبا ونضوا حزينا

وتبرد من حر نار السيوف … ونار الهواجر ما قد صلينا

فنسلى بها عن ديار نأين … ونغنى بها عن مغان غنينا

وبلغة عيش لمن قد سترت … ضعاف البنات وشعث البنيناب

نعللهم بجنى روضها … إذا أوحشتهم عطاياك حينا

وتشفي بها بث ما قد أصبنا … ونأسو بها جرح ما قد رزينا

وفخرا لنا منك سارت به … ركاب التهامين والمنجدينا

وبشرى أهل بها الشاكرون … إلى من فجعنا من الأقربينا

فما راعنا غير قول الخبير … يذكرنا أسوة المؤتسينا

بآدم إذ أخرجته الغواة … من جنة الخلد مستظهرينا

ببغي حسود له طالب … كما قد لقينا من الحاسدينا

فها نحن أقعد هذا الأنام … بميراثها مثلها عن أبينا

وهاتيك جنتنا والتي … حبانا بها سيد المنعمينا

وأبين آياتنا أننا … حللنا لديه المكان المكينا

ومن شك في حظنا من رضاه … فتلك لنا أعدل الشاهدينا

قفوا فاسمعوا هدة الأرض رجلا … وركبا إلى نصبها يوفضونا

وداعي الزيادة فيها سميع … مصيخ إلى ألسن الزائدينا

يجمجم فيهم بأن قد سخطت … علينا وأنا من المبعدينا

ليجلو أستارك الخضر عنا … ويمحو آثارك الغر فينا

وقد أسمع الصم فيها مناد … يؤذن حي على الشامتينا

فمن هاتف زائد بالألوف … لبغي أراه احتقار المئينا

ومن كاشح كاشر قد أرته … أمانيه ما ظن أن لن يكونا

بذي حرمة منك ألبسته … كرامة أضيافك المكرمينا

ومن حل سترك في أهل بيت … بحبل وفائك مستمسكينا

فيا مشهدا سامني تحت ظلك … خسفا وخزيا وذلا وهونا

بكل مفيض علي القداح … ليقسم لحمي في الآكلينا

وكل مبيح حماك العزيز … علينا لعادية المعتدينا

فمدوا حبالهم طامعين … وألقوا عصيهم واثقينا