بدَا من أبي الفَضْلِ الهَوى المُتَقادِمُ – أبو الفضل بن الأحنف
بدَا من أبي الفَضْلِ الهَوى المُتَقادِمُ … وكاُّ محبٍّ داؤه متفاقمُ
بكَى الأشقَرُ الشِّهْرِيُّ لمّا بَدَتْ لَهُ … سَرائرُ تُبديها الهُمومُ اللّوَازِمُ
ولمّا رآني طال بالباب موقفي … أُسائِلُ عن شَجوي: متى هوَ قادمُ؟
وكنتُ إذا ما جئتُ مسّح عرفهُ … وَصَائفُ أمثالُ الظّبَاء نَوَاعِمُ
تَنَفّسَ تحتي واستَهَلّتْ دُمُوعُهُ … وحمْحَم لو تُغني هُناكَ حَمَاحِمُ
فوَا كَبِدي من فَوْزَ تَبكي صَبابَة ً … وتشكو إلى أترابها ما نكاتمُ
تَزَوّدتُ منها بعضَ ما فيهِ رِيحُها … وزَوّدتُها والقَلبُ حَرّانُ هائِمُ
فَلي عِندَهابُرْدٌ تُسكِّنُ قَلبَها … بهِ ولَها عندي حِقابٌ وخَاتَمُ
من القاصراتِ الطّرفِ أمّا وشاحها … فيبكي وأمّا الحجلُ منها فصائمُ
إذا ما استَقَلّتْ للقِيامِ تَكَفّأتْ … وأسْعَدَها حتى تَقُومَ الخَوادِمُ
ووالله ما شَبّهتُ بالوَرْدِ عَهْدَها … إذا ما انقضى فيما تقولُ الأعاجمُ
ولكنّي شبهنه الآس دائماً … وليس يدومُ الورد ، ولاآسُ دائمُ
بِها مِثلُ ما بي أوْ أشَدُّ وإنّمَا … يُلائِمُ ودّي شَكلُها المُتَلائمُ
وإنّي لذو عينين : عينٍ شجيّة ٍ … وعنيْ تراها دمعها الّهرّ ساجِمُ
أُعَذِّبُ عَيني بالبُكاء كأنّني … عدوٌّ لعيني جاهداً لا أسالمُ
فطُوبى لمَن أغفَى منَ اللّيلِ ساعة ً … وذاق اغتماضاً إنّ ذاكَ لناعمُ
عَجبتُ لطَرْفي خاصَمَ القلبَ في الهَوى … وذو العرش بين القلب والطّرف حاكمُ
إذا اختَصَما كانَ الرّسُولَ إلَيهِما … لسانٌ عن الجسم النّحيفِ مراجمُ
ولَوْ نطقَتْ شكوى الهَوى كلُّ شعَرة ٍ … على جسدي ممّا تجنُّ الحيازمُ
لطلّت تشكى البثَّ لم تخط كنههُ … فقد ملأتْ صَدري البَلايا العَظائِمُ
يبيتُ ضجيعي في المنام خيالها … ومن دونها غبر ُالصُّوى والمخارمُ
تجهمت فوزاً في المنام فأعرَضَتْ … وإنّي على ما كانَ منّي لَنادِمُ
إذا كان في الأحلام مايشتهي الفتى … فواللهِ ما الأحلام إلاّ غنائمُ
إذا استَقبَلَتني الرّيحُ من نحوِ أرْضِها … تَنَشّقتُها حتى تَرِقّ الخَياشِمُ
فإنّكِ لوْ جرّبتِ تَسهيدَ لَيْلَة ٍ … لقلت: ألا طوبى لمن هو نائمُ
ولوْلاكِ لم آتِ الحِجازَ وأهْلَها … وَلم تَزْوِ عَنِّي بالعِراقِ الكَرائِمُ
يَطولُ علينا عَدُّ ما كانَ منكُمُ … لَعَمرُ أبي إنّي بذاكَ لَعالِمُ
تحمّل عظيم الذنب ممن تحبّه … وإن كنت مظلوماً فقل أنا ظالمُ
فإنّكَ إلاّ تَغفِرِ الذّنبَ في الهَوَى … يفارقكَ من تهوى وأنفكَ راغِمُ