الوقوف في جرش – محمد القيسي
وقفا نحك على أسوارها … بعض ما يوجع من أسرارها
ولنمل حينا من الوقت على … غابة تفضي إلى أغوارها
يا خليليّ فلم يبق سوى … ومضة أو قبس من نارها
ليس ما يسكنني الآن شجى … بل صبا الأحباب من تذكارها
نفرت عنّي ظبيات الحمى … وتسّربن إلى أشجارها
وتذوّقت النوى مشتعلا … وسكبت الروح في مزمارها
فكأنّ الحبّ ما كان ولا … كانت الأضلاع من سمّارها
يا خليليّ وما من نجمة … ضوّأت إلاّ على ابيارها
حمّلتني فوق ما أحمله … ورمتني بشظى زوّارها
يا خليليّ ولا تستعجلا … ما شفي القلب سوى غوّارها
فأعدّا لي بساطا أخضرا … واستراني بسنا أقمارها
لم يعد لي في الورى من وطن … فاحسباني من لظى نوّارها
دفنّا أجمل الفتيان فيك … وقلنا يا صبّية هل نفيك
فمن أسقاك هذا الكأس مرّا … سقاني من لظاه بختم فيك
وقفت على طلولك في جلال … أريك من الهوى ما لا أريك
لئن طوّفت في البلدان عهدا … فقد كانت يداك هما شريكي
واصلي عزفك لا تنتظريني … واملأي الأفق بعطر الياسمين
ودعيني في نواعيرك صوتا … أتملّى عمرك الآتي دعيني
شاهدا حيّا على أيقونة … أو رخام ها هنا أو كوم طين
ضوئي القنديل في العتم إذا … شاقك الحزن إلى رؤيا جبيني
تجديني مثلما كنت ندى … وعلى مرّ الثواني تجديني
ما متّ هذا الموت أخدعه … وأظلّ أبدع في الدنا نقشي
مهما يحزذ الطوق من عنقي … والناس كلّ الناس تستعشي
يبقى لي اليوم الذي جهلوا … يبقى لعينيك أنّني أمشي
أستلّ من ناب الردى رمحا … وأصوغ من قحط الذرى عيشي
لي في الفضاء الحرّ منطلق … لي في المخيم عدّة العش
لي أنّني أبني على مهل ، … كوخي وأرفع من دمي عرشي
عرّج على حاكورة العنب … واقطف عناقيدي ولا تهب
واسمع نشيد الأرض محتدما … واقرأ لذكري سورة الغضب
ما نام أهلي في الخليل ولا … هدأت هناك شرارة اللهب
وإذا وصلت إلى منازلنا … وتوجّعت عيناك يا ابن أبي
واصل طريقك غير منكسر … واحبس – فديتك – دمعة العرب