المازني وداغر – محمد مهدي الجواهري
“رفائيلُ ” دارُك قد أشَرقَتْ … بأسعدَ داغرَ والمازِني
ففَذٌّ يناضلُ عن أمةٍ … وفَذٌّ لآدابها حاضِن
وإني لمستأذنٌ أسعداً … بما قد يشِقُّ على الآذِن
اذا ما خَصَصْتُ فتى مازنٍ … بضربٍ من الكَلِمِ الفاتِن
فإنّ السياسةَ قد حَجَّبتْ … فتى مصرَ بالبرقُعِ الداكِن
وطبعُ السياسيِّ جمُّ الغُموض … فلا بالصريح ولا الداهن
أأسعدُ إنَّ حديثي إليكَ … حديثُ مقيمٍ إلى ظاعِن
حديثُ أخٍ لك مستأنسٍ … للطفِ مسامِره راكن
أخاف السياسةَ خوفَ اللديغ … من أرقمٍ نافخٍ شاحِن
وما زال جدعٌ بليغُ الوضوح … منها يَلوحُ على مارني
فقبلَك طاوعتُ من أهلِها … صديقاً إلى مَصرَعي قادني
أرانيَ مظهرَ ذي نخوةٍ … كفيلٍ بما أرتجي ضامن
وأسلَمَني عند جِدِّ الخطوبِ … كأني قلتُ له عادِني
فما كنتُ بالمصطفي وُدَّه … ولا كنتُ للنفس بالصائِن
وها أنا أرزحُ في كَلكَلً … مُنيخٍ على نَفسَي رائِن
فعُذراً فما أنا إذ أتّقي … رجالَ السياسة بالمائن
غموضُ السياسة يبدو عليك … في مظهر الهادئ الساكن
على حينَ قد وَضَح المازني … وضوحَ السماوات للكاهن
نظرتُ بعينيكَ إذ يشرُدان … ووجهِك ذي الدَعَة الآمِن
فأنكرت قولك : ما صاغَنى … قبيحاً سوى عبثِ الماجن
وطالعتُ آثارَك الناطقاتِ … بما فيك من جوهرٍ كامِن
وظاهِر لفظٍ رقيقِ الروُاءِ … لطيفٍ يَدُلّ على الباطن
لقد شبَّه العُربُ حسنَ البيانِ … والشعر في الزمنِ البائِن
يَرْدِ النَمير وصَفو الغديرِ … يمرَان بالعاطشِ الساخِن
وأحسِنْ بتشبيه قومٍ بُداة … تعيش على طرق آسن
فحاولت تشبيهها بالجديدِ … يُؤخَذُ من وضعنا الراهن
بكأسٍ تَرُدّ شرورَ الجمام … لذي سَفرٍ مُتعَبٍ واهن
وذائبِ زَهرٍ على سَلْسَلٍ … يصبُّ على رَهَلٍ بادِن