الريف الضاحك – محمد مهدي الجواهري
كلُّ أقطارِكِ يا ” فارسُ ” رِيفُ … طابَ فصلاك : ربيعٌ وخريفٌ
لا عرَتْ أرضُكِ من لطفٍ فقد … ضَمِنَ الحسنَ لها جوٌ لطيف
يا رِياضاً زهَرَتْ في فارسٍ … شكرَتْكنَّ عُيونٌ وأُنوف
مثلَّما للقلبِ من حرِّ الجوي … رفَّةٌ للطيرِ فيكنَّ رفيف
ألشيءٍ غيرَ أنْ نقطِفَه … ثمراً غضّاً دنتْ منكِ القُطوف
نزلتْ ضيفاً بها أرواحُنا … فَقَرَتْها خيرَ ما تُقرى الضُّيوف
مِن جمال خُط معناهُ على … فارسٍ واختصَّتِ الأرضَ حروف
وخيَالٍ تُطربُ النفسَ به … هِزَّةُ الروضِ ويشجوها الحفيف
صَنعةٌ للفرسِ في الوشيِ ولا … مثلَ ما وشَّى بها الروضُ المفوف
لذَّ مشتاها فأنسانا بما … هزَّ منّا أنَّه لذَّ المصيف
ما لأكنافِ الرُّبى مبيضَّةً … أتُراها بُدِّلت منها الشُّفوف
أمْ هو الشيبُ دَهاها عَجباً … شيَّبت حتى الرُّبى هذى الصُّروف
إنما جلَّلها الثلجُ الذي … غُمِرتْ منه جبالٌ وكهوف
فارِسٌ أينَ وأُلافُ الصِّبا … أوَ هلْ يبقى على النأيِ أليف ؟
أمن الناسِ تُرجِّي صفوةً … عنكَ يا ناشدُ فالحيُّ خَلوف
لا تعُدْ تسلُكُ فيها قفرةً … فطريقُ الودِّ في الناسِ مَخوف
كلُّ هذا وهو يومٌ واحدٌ … كيف لو مرَّتْ مئاتٌ وألوف
قد تَناوَمنْا على رغمِ الكرى … لنراكمْ .. أفلا طيفٌ يطوف
سِمةٌ للشوقِ كانتْ سبباً … لسؤالِ الناسِ : مَنْ هذا النحيف؟
لا تقولوا وَحدةٌ تُوحِشُه … كيف يستوحشُ والشوقُ رديف
أيها الحَضْرُ وفي أبياتكم … أوجه تُفدى بما ضم النصيف
لم يفتها ترف الظل ولا … نال من أوراكها السير الوجيف
حبذا حبُّكُمُ من معهدٍ … كم نما فيه أديب وظريف