أربة الخدر ذات الريط والخمر – ابن معصوم المدني

أربة الخدر ذات الريط والخمر … إليكِ عنِّي فما التشبيبُ من وطري

في كل قامة عسالٍ تأوده … كفاي لي غنية ٌ عن قدك النضر

طويت عن كل أمر يستلذ به … كشحاً وأغضيتُ عن وِردٍ وعن صَدَرِ

غنيت بالمجد لا أبغي سواه هوى ً … في هزة السمر ما يغني عن السمر

وما أسفت على عصرٍ قضيت به … عيش الشبيبة في فسحٍ من العمر

إلاَّ لفرقة إخوان ألفتُهُمُ … من كلِّ أصيدَ مثل الصارم الذَّكرِ

طهر المآزر مذ نيطت تمائمهم … نالوا من المجد ما نالوا من الظفر

شادوا قِبابَ المعالي من بيوتهُمُ … واستوطنوا ذِرْوة العَلياء من

كم فيهم كريمٍ زانه شمم … تُغنيك غُرَّتُه عن طَلعة ِ القَمرِ

سقى الحيا ربع أنسٍ ضم شملهم … ولا عدا سوحَهُ مُستعذَب المطر

يا للرجال لصبٍ بالعلى قمن … يُمسي ويُصبحُ من دهر على غَرَرِ

لو أنصفتني الليالي حزت مطلبي … ولم أبت حِلْفَ وَجْدٍ عاقر الوَطرِ

ألآن أحرز آمالي وأدركها … بماجدٍ غير ذي من ولا ضجر

مسدد الرأي لم يعبأ بحادثة ٍ … ولم تخنه يدُ الأيَّام والغِيَرِ

بدرٌ يلوح بأفق الدست محتبياً … ليثٌ يصول بباع غير ذي قصر

كم مهمهٍ جُبتُه بالسيف مشتملاً … والعزم يكحل جفن العين بالسهر

في ليلة قد أضلَّتني غياهبُها … حتى اهتديت إلى بيتٍ من الشعر

بطلعة ٍ كضياءِ الشَّمس غُرَّتُها … ونفحة ٍ حملتها نسمة السحر

فظَلْتُ والليلُ تُغريني كواكبُهُ … أراقب الصبح من خوفٍ ومن حذر

وفي الكنائس من هام الفؤاد بها … ترنو إليَّ بطرفٍ طامحِ النَّظرِ

فأقبلت وتجارينا معانقة ً … كأننا قد تلاقينا على قدر

حتى بدت غرَّة ُ الإصباح واضحة ً … وطُرَّة اللَّيل قد شابت من الكِبر

ثم انثنينا ولم يدنس مضاجعنا … إلا بقايا شذاً من ريحها العطر

فاستعجلت تحكم الزنار عقدته … وتسحب الذيل من خوفٍ على الأثر

واستقبلتْ ديرَ رُهبانٍ قد اعتكفوا … يزمزمون بألحانٍ من الزبر

يا ابن النبي دعاءً قد كشفت له … عن وجه لا واجمٍ عياً ولا حصر

إليك لولاك لو أصعد نشوز ربى ً … ولو أواصل سرى الإدلاج بالبكر

كم نعمة ٍ لك لا تحصى مآثرها … نَفعاً أنافَتْ على العَرَّاصَة الهُمُرِ

وكم لي اليوم في جدواك من أملٍ … أثقلتُ فيه قَرى المُهْرِيَّة الصعُرِ

كم فيك من نعمٍ ترجى ومن نقمٍ … تُخشى الغداة َ ومن نفعٍ ومن ضَررِ

أنت الذي خلقت للتاج لمته … وكفه لطوال السمر والبتر

ووقفة ٍ لك فلت كل منصلتٍ … والسمر ما بين منآدٍ ومنكسر

سررتَ كلَّ صديق في مواقفها … ما كاد يسأل حتَّى سُرَّ بالخبرِ

وليلة ٍ من عَجاج النَّقع حالِكة ٍ … جلوتَها منكَ بالأوضاح والغُدرِ

ما إن قَدحتَ زناداً يومَ ملحمة ٍ … إلاَّ وأتْبعتَ فيه القَدح بالشَّررِ

شهِدتُ فيك سَجاياً قد سمِعتُ بها … ففزتُ منها بملء السَّمع والبَصْرِ

فانعم بعيدك في عزٍ وفي دعة ٍ … والدهرُ يفترُّ عن أيامك الزُهُرِ

وخذ إليك عروساً طالما حجبت … زُفَّت إليكَ وقد صِيغتْ من الدُّرَرِ

واسلَمْ على رُتب العَلياءِ مُرتقياً … مسدد العزم في بدوٍ وفي حضر