أتدري منْ تخرمتِ المنونُ – الهبل
أتدري منْ تخرمتِ المنونُ … ومن أرقتْ لمصرعهِ العيون
ومنْ ذا أثقل الأعناقَ حملاً … وخفَّ لحزنه العقلُ الرصين
ومنْ ملأَ القلوبَ أسى ً وحزناً … فكلُّ فتى ً لمصرعهِ حزينُ
وَمنْ في جنة ِ الفردوسِ أضحى … لديهِ الظلُّ والماء المعينُ
وأيّ هلالُ أفقٍ غاب عنهُ … وكان لأفقهِ أبداً يزينُ
أتدري يا زمانُ بمنْ دهتنا … صروفكَ ؛ أنك الزمنُ الخؤونُ
وأنكَ بالذي أحدثتَ فينا .. … جديرٌ أن تساءَ بكَ الطنونُ ؛
لئنْ كدرتَ من عيش البرايا … فمبدأ خلقهم ماءٌ وطينُ ؛ .
هوى البدرُ الذي قد كان حقا … به نورُ الهداية ِ مستبينُ ؛
هوى الجبلُ الذي قد كان يأوي … إليه الملتجي والمستكينُ
مضى القرم الذي قد كان ذخراً … تناطُ بهِ الحوائجُ والشؤونُ ؛
فأيّ سحاب دمعٍ ليسَ يهمي … وأيّ حصاة قلبٍ لا تلينُ
وليسَ يردّ سهمَ الموتِ درعٌ … مزردة ٌ ولا حصنٌ حصينُ
سقيتَ الغيث قبراً حلّ فيه … تقى ً وعلى ً وإيمانٌ ودينُ ؛
ثوى فيكَ الذي ما كان يلفى … له في كلّ مكرمة ٍ قرينُ ؛
رجعنا عن ثراهُ بجيشِ حزنٍ … له في كلًّ جارحة ٍ كمينُ
وأجرينا جيادَ الصبر عنه ؛ … ولكن شوط مرزئه بطينُ .
فيا لكَ ميتاً قد بانَ عنا … تكادُ لبينهِ الأحشا تبين ؛
وآهِ لطولِ بعدكَ من حبيبٍ … وهلْ يجدي التأوهُ والحنينُ
وَوَالهفي عليكَ وقد تدانى … خروجُ الروح وانقطع الأنينُ
وأسكنتَ التراب برغم قومٍ … محلكَ في قلوبهم مكينُ . .
يكادُ النوم أنْ يغشى الأماقي … فتلفظه لذكراك الجفونُ ؛
أهنا إذْ دفنتَ عقودَ دمعٍ … مخبأة ً لغيركَ لا تهونُ ؛ .
وكلفنا الجوانحَ عنكَ صبراً … فقالتْ لا قرار ولا سكونُ ؛
وخانتنا بكَ الأيام لكنْ … بحسنِ الصبر بعدك نستعينُ .
وكيفَ الصبر عنكَ أو التسلي … جميلُ الصبرِ بعدكَ لا يكونُ ؛
فهلْ يدري سريرك منْ علاهُ … علاهُ العلمُ أجمعُ واليقينُ ؛
وهل يدري ضريحكَ من تغشى … ومن وهو تحتَ تربته دفينُ
قرنتَ بصالح الأعمال فيه … وحسبك أنه نعم القرينُ ؛
يعزُّ على العلوم نواكَ عنها … وأنتَ لبحرها الطامي سفين
هلالاً كنتَ غالتهُ الليالي … وليثاً كنت أسلمهُ العرينُ ؛
جعلتَ ودادَ أهلِ البيتِ ديناً … لعلمك أنه الحبل المتينُ ؛
ودنتَ بدينهم في كلَّ حالٍ … وذاكَ لعمرك الحقّ اليقين
وكنتَ من التشيع في محلٍ … تسافر دونَ غايته العيون .
فيهنيكَ القدوم على كريم … خزائنُ ملكه كافٌ ونونُ ؛
ويهنيكَ الدعاء نجوتَ عبدي … فعفوي لا تكدره الظنونُ ؛
ويهنيكَ ادخاركَ خير كسبٍ … إذا الجاني بمكسبهِ رهينُ ؛
وأخذك للصحيفة ِ يوم حشرٍ … إذا انتدبتْ لتأخذها اليمينُ ؛
سأنظمُ فيكَ ما يعلو ويغلو … ويرخص عنده الدرُّ الثمينُ ؛
وأسقي تربَ قبركَ غيثَ دمعٍ … يقصر دونه الغيث الهتونُ
فمثلكَ ما سمعنا في البرايا … ولا قد كان قطّ ولا يكون ؛
عليكَ صلاة ُ ربك بعد طه … وعترته فأنتَ بها قمينُ .