نُورُ الرَّجَاءِ بَدَا وَيُمْنُ الطَّالِعِ – خليل مطران
نُورُ الرَّجَاءِ بَدَا وَيُمْنُ الطَّالِعِ … لِلشَّعْبِ فِي وَجْهِ الأَمِيرِ الزَّارِعِ
عِشْ يَا وَلِيَّ العَهْدِ وَابْرُزْ فِي سَنىً … يَعْلُوكَ مِنْ أُفُقِ السَّمَاءِ اللاَّمِعِ
فِي الحِسِّ وَالمَعْنَى عَلَى قَدْرِ المُنى … كَمُلَتْ صِفَاتُكَ فَهْيَ عِقْدُ بَدَائِعِ
أَلفَضْلُ فَضْلُ أَبِيكَ فِي تَذْلِيلِهِ … لَكَ كُلَّ صَعْبٍ فِي المَعَارِجِ فَارعِ
لَيْسَتْ مُشَارَفَةُ الأَمِيرِ لِضَيْعَةٍ … ضَعَةً وَمَا الجُهْدُ المُغِلُّ بِضَائعِ
إِنَّ الفِلاَحَةَ وَالفَلاَحَ تَسَلسَلا … لفْظاً وَمَعْنىً مِنْ نِجَارٍ جَامِعِ
فِي خِدْمَةِ الأَرْضِ الَّتِي هِيَ أُمُّنا … يَتَأَلَّفُ المَتْبُوعُ قَلْبَ التَّابِعِ
مَا أَرْوَحَ الأَمَلَ الَّذِي قِيَّضْتَهُ … لِسَوَادِ أُمَّتِكَ الأَمِينِ الوَادِعِ
أَلحَارِثِ الدَّرِبِ العَكُوفِ عَلَى الثَّرَى … أَلكَادِحِ التَّعِبِ الصَّبُورِ القَانِعِ
منْ لَمْ يُطَالِعْهُ وَيَعْرِفْ دَاءَهُ … هَيْهَاتَ يَأْتِي بِالدَّوَاءِ النَّاجِعِ
لِلّهِ مُنْجِبُكَ العَظِيمُ وَمَا لَهُ … مِنْ حُسْنِ تَدْبِيرٍ وَلُطْفِ ذَرَائعِ
لَمْ يَبْنِ لِلدُّنْيَا أَبٌ كَبِنَائِهِ … خُلُقَ الرُّجُولَةِ فِي فَتَاهُ اليَافعِ
يَقِظٌ يُنَبِّهُ كَامِنَاتِ خِصَالِهِ … تَنْبِيهَ مَعْرِفَةٍ وَخُبْرٍ وَاسِعِ
حَتَّى يُلِمَّ بِكُلِّ شَأْنٍ نَابِهٍ … فَيَسُوسَهُ وَبِكُلِّ شَأْنٍ نَافِعِ
مَلِكٌ بِهِ قِسْتُ المُلُوكَ فَلاَحَ لي … شَأْوُ الظَّلِيعِ بِهِمْ وَشَأْوُ الطَّالِعِ
أَوْفَى عَلَيْهِمْ بِالحَصَافَةِ وَالنَّدَى … وَبِسُؤْددٍ مِلءِ النَّوَاظِرِ نَاصِعِ
مَا أَنْسَ يَوْمَ لَمَحْتُهُ وَلَمَحْتُهُمْ … فِي مَشْهَدٍ بَادِي المَفَاخِرِ شَائعِ
فَرَأَيْتُ مِنْهُ فِي جَلاَلٍ رَائِعٍ … أَزْهَى مِثَالٍ لِلجَمَالِ الرَّائِعِ
لَدْنٌ شَدِيدٌ لاَ اتِّضَاعَ بِهِ وَإِنْ … لَمْ تَنْأَ عَنْهُ كِيَاسَةُ المُتَواضعِ
هُوَ مَصدَرٌ مِنْهُ المَصَادِرُ تَسْتَقِي … هُوَ مَنْبَعٌ وَلهُ فُيُوضُ مَنَابِعِ
لاَ شَيْءَ يَعْزُبُ عَنْ مَدَارِكِهِ وَلاَ … يَخْفَى عَلَى ذَاكَ الذَّكَاءِ السَّاطعِ
وَإِذَا قَضَى أَمْضَى فَمَا مِنْ حَائِلٍ … دُونَ القَضَاءِ وَمَا لَهُ مِنْ دَافعِ
لَحَظَ الرِّمَالَ القَاحِلاَتِ فَنُضِّرَتْ … وَازَّيَّنَتْ بِمَغَارِسٍ وَمَزَارِعِ
لَحَظَ المَدَائِنَ وَالقُرَى فَتَجَمَّلَتْ … وَتَكَمَّلَتْ بِمَدَارِسٍ وَمَصَانعِ
لَحَظَ الثَّقَافَةَ لِلعُقُولِ فَأَخْرَجَتْ … مَا طابَ مِنْ ثَمَرِ العُقْولِ اليَانعِ
لحَظَ الرِّيَاضَةَ لِلجُسُومِ فَهَيَّأَتْ … نَشْئاً جَدِيدَاً عَزَائِمٍ وَنَوَازِعِ
لَحَظَ العُلُومَ فَمَا تَرَى فِي رَوْضِةٍ … إِلاَّ ظِمَاءَ الطَّيْرِ حَوْلَ مَشَارِعِ
لحَظَ الفُنُونَ فَعَادَ مُؤْتَنَفاً بِهَا … مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ قَدِيمٍ بَارعِ
أُنْظُرْ إِلى طُولِ البِلاَدِ وَعَرْضِهَا … تَشْهَدْ ضُرُوبَ مَفَاخِرٍ ومَنَافِعِ
لاَ يَنْتَهِي مَا ذَاعَ مِنْ نَبَإِ بِهَا … إِلاَّ إِلى نَبَإِ طَرِيفٍ ذَائِعِ
مَا مِصْرُ مِصْرُ وَمَا الرِّبَاعُ بِحُسْنِهَا … هِيَ عَيْنُ مَا عَهِدَتْهُ عَيْنُ الرَّابِعِ
مَتَلاَحَقُ العُمْرَانُ لاَ يَخْتَارُ فِي … مَجْرَاهُ بَيْنَ مَوَاقِعٍ وَمَوَاقِعِ
وَتُصِيبُ أَطْرَافٌ نَأَتْ مِنْ قِسْطِهِ … مَا لمْ تُصِبْ أَطْرَافُ مُلكٍ شَاسِعِ
لِيَدُمْ فُؤَادٌ سَائِداً وَمُصَرِّفاً … حُكْمَ السِّيَادَةِ فِي الزَّمَانِ الخَاضِعِ
وَلتَزْدَهِرْ أَيَّامُ صَاحِبِ عَهْدِهِ … فِي ظِلِّهِ كَالمَوْسِمِ المُتَتَابِعِ