فكأن من حاني السحائب جودها – ابن دارج القسطلي
فكأن من حاني السحائب جودها … وكأن من صعق البروق حسامهاأ
فعلى سواكبها إذا جادت ربى … زهر الرجاء فواترت إنعامها
أن تتبع الدلو السجوف رشاءها … يوم الخوامس والجواد لجامها
لم تطلع زهر النجوم سواريا … إلا رأته في السناء أمامها
يا رب شامخة الذوائب والذرى … أوطأت أعلام الهدى أعلامها
أشرعت تنحوها قسي عزائم … كانت هوادي المقربات سهامها
الريح أحسر من يؤم محلها … والنجم أدنى من يدي من رامها
فهتكت بالبيض الرقاق سجوفها … وفضضت بالجرد العتاق ختامها
ورفعت من صلبان بيعة قدسها … نارا تشب على الضلال ضرامها
ولرب حامية الوطيس من الردى … دلفت وقد كست السماء قتامها
أقحمت أجياد الجياد مكرما … فصلين جاحمها وكنت إمامها
فاسعد بسبطي دولة العرب التي … بسناهما جلت الخطوب ظلامها
عبد المليك حسامها وسنانها … ومجنها ومليكها وهمامها
والقائد الأعلى المملك والذي … زانت مناقب مجده أيامها
لا زال دين الله يأوي ظلكم … ما ظللت خضر الغصون حمامها
ولم تزجري طير السرى بحروفها … فتنبئك إن يمن فهي سرور
تخوفني طول السفار وإنه … لتقبيل كف العامري سفير
دعيني أرد ماء المفاوز آجنا … إلى حيث ماء المكرمات نمير
وأختلس الأيام خلسة فاتك … إلى حيث لي من غدرهن خفير
فإن خطيرات المهالك ضمن … لراكبها أن الجزاء خطير
ولما تدانت للوداع وقد هفا … بصبري منها أنة وزفير
ب تناشدني عهد المودة والهوى … وفي المهد مبغوم النداء صغير
عيي بمرجوع الخطاب ولفظه … بموقع أهواء النفوس خبير
تبوأ ممنوع القلوب ومهدت … له أذرع محفوفة ونحور
فكل مفداة الترائب مرضع … وكل محياة المحاسن ظير
عصيت شفيع النفس فيه وقادني … رواح لتدآب السرى وبكور
وطار جناح الشوق بي وهفت بها … جوانح من ذعر الفراق تطير
لئن ودعت مني غيورا فإنني … على عزمتي من شجوها لغيور
ولو شاهدتني والصواخد تلتظي … علي ورقراق السراب يمور
أسلط حر الهاجرات إذا سطا … على حر وجهي والأصيل هجير
وأستنشق النكباء وهي بوارح … وأستوطئ الرمضاء وهي تفور
وللموت في عيش الجبان تلون … وللذعر في سمع الجريء صفير
لبان لها أني من الضيم جازع … وأني على مض الخطوب صبور
أمير على غول التنائف ماله … إذا ريع إلا المشرفي وزير
ولو بصرت بي والسرى جل عزمتي … وجرسي لجنان الفلاة سمير
وأعتسف الموماة في غسق الدجى … وللأسد في غيل الغياض زئير
وقد حومت زهر النجوم كأنها … كواعب في خضر الحدائق حور
ودارت نجوم القطب حتى كأنها … كئوس مها والى بهن مدير
وقد خيلت طرق المجرة أنها … على مفرق الليل البهيم قتير
وثاقب عزمي والظلام مروع … وقد غض أجفان النجوم فتور
لقد أيقنت أن المنى طوع همتي … وأني بعطف العامري جدير
وأني بذكراه لهمي زاجر … وأني منه للخطوب نذير
وأي فتى للدين والملك والندى … وتصديق ظن الراغبين نزور
مجير الهدى والدين من كل ملحد … وليس عليه للضلال مجير
تلاقت عليه من تميم ويعرب … شموس تلالا في العلا وبدور
من الحميريين الذين أكفهم … سحائب تهمي بالندى ونحور
ذوو دول الملك الذي سلفت بها … لهم أعصر موصولة ودهورأ
لهم بذل الدهر الأبي قياده … وهم سكنوا الأيام وهي نفور
وهم ضربوا الآفاق شرقا ومغربا … بجمع يسير النصر حيث يسير
وهم يستقلون الحياة لراغب … ويستصغرون الخطب وهو كبير
وهم نصروا حزب النبوة والهدى … وليس لها في العالمين نصير
وهم صدقوا بالوحي لما أتاهم … وما الناس إلا عاند وكفور
مناقب يعيا الوصف عن كنه قدرها … ويرجع عنها الوهم وهو حسير
ألا كل مدح عن مداك مقصر … وكل رجاء في سواك غرور
تمليت هذا العيد عدة أعصر … تواليك منها أنعم وحبور
ولا فقدت أيامك الغر أنفس … حياتك أعياد لهم وسرور
ولما توافوا للسلام ورفعت … عن الشمس في أفق الشروق ستور
وقد قام من زرق الأسنة دونها … صفوف ومن بيض السيوف سطور
رأوا طاعة الرحمن كيف اعتزازها … وآيات صنع الله كيف تنير
وكيف استوى بالبحر والبدر مجلس … وقام بعبء الراسيات سرير
فساروا عجالا والقلوب خوافق … وأدنوا بطاء والنواظر صور
يقولون والإجلال يخرس ألسنا … وحازت عيون ملأها وصدور
لقد حاط أعلام الهدى بك حائط … وقدر فيك المكرمات قدير
مقيم على بذل الرغائب واللهى … وفكرك في أقصى البلاد يسير
وأين انتوى فل الضلالة فانتهى … وأين جيوش المسلمين تغير
وحسبك من خفض النعيم معيدا … جهاز إلى أرض العدى ونفير
فقدها إلى الأعداء شعثا كأنها … أراقم في شم الربى وصقور
فعزمك بالنصر العزيز مخبر … وسعدك بالفتح المبين بشير
وناداك يا بن المنعمين ابن عشرة … وعبد لنعماك الجسام شكور
غني بجدوى راحتيك وإنه … إلى سبب يدني رضاك فقير
ومن دون ستري عفتي وتجملي … لريب وصرف للزمان يجور
وضاءل قدري في ذراك عوائق … جرت لي برحا والقضاء عسيرب
وما شكر النخعي شكري ولا وفى … وفائي إذ عز الوفاء قصير
فقدني لكشف الخطب والخطب معضل … وكلني لليث الغاب وهو هصور
فقد تخفض الأسماء وهي سواكن … ويعمل في الفعل الصحيح ضمير
وتنبو الردينيات والطول وافر … وينفذ وقع الهم وهو قصير
حنانيك في غفران زلة تائب … وإن الذي يجري به لغفور