مُسْتَقْبِلٌ خَائِفَهُ الصَّفْحُ – ابن الرومي

مُسْتَقْبِلٌ خَائِفَهُ الصَّفْحُ … مُسْتَقْبِلٌ آمِنَهُ المنْحُ

خِرْقٌ إذا استَنْجَدْتَ معروفه … جاءك نصرُ اللَّه والفتحُ

شاركَ فيه الحُسْنُ إحْسَانَهُ … وزال عنه القُبْحُ والقَبْحُ

شُؤَبُوبُ غيثٍ مُصْعِقٍ مُغْدِقٍ … تَهْتَانُهُ الوابِلُ لا الرَّشْحُ

أُلهُوبُ نارٍ فاستِنرْ واسْتَتِرْ … منه فقد أنذرك اللَّفْحُ

في بَذْلِه وشْكٌ وفي بطشه … بُطْءٌ ولكنْ أمْرُهُ لَمْحُ

ليس تَأَنِّيهِ وَنَى فَتْرَة ٍ … كلا ولا جِرْيَتُهُ جَمْحُ

الخيرُ في مَرْضاتِهِ كُلُّهُ … وإنَّمَا سَخْطَتُهُ بَرْحُ

كالسَّيف ذو لين لمن مسَّه … صَفْحاً وفي شفرته الذبْحُ

فإنْ تَأتَّى لِلَظَى ناره … ذو نُهْيَة ٍ أطفأَها النَّضْحُ

وإنْ قَدَحْتَ النارَ من فِكْرِهِ … في ليلٍ خَطْبٍ أثْقَبَ القَدْحُ

أصبح مِنْ حِلْم ومِنْ عِزَّة … لم يَخْلُ من هَيْبَتِهِ كَشْحُ

كالطَّوْدِ لا يَنْطِحُ لكنه … يُوهِي رُؤوساً شَأنُهَا النطحُ

مَنْ ذَاكَ ذَاكَ الوائلي الذي … للشِّعْر في أوصافه سَبْحُ

تَبْجَحُ عدنانُ بأيامه … طُرّاً وما مِنْ شأنِهِ البجْحُ

ممن إذا قَرَّظَهُ مادحٌ … ساعدَه الإجْمَالُ والشَّرْحُ

مرهوبُ شَيْبَانَ ومأْمُولُها … والجبل الشامِخُ والسَّفْحُ

ذو الجود والبأسِ الذي باسمِهِ … جاد الْحَيَا وانْتشر السَّرْحُ

ذو الرفْق واليُمْنِ الذي باسمه … فُلَّ الشَّبَا وانْدَمَلَ القَرْحُ

مَنْ مَزْحُهُ جِدٌّ بِمعرُوفِهِ … يَفْدِيهِ قَوْمٌ جِدُّهُمْ مَزْحُ

كم عائلٍ ليست له ضَيْعَة ٌ … وَلاَ بِهِ سعْيٌ ولا كدحُ

أضحى أبو الصَّقْر له ضَيْعة ٌ … عُمْرَانُها التَّقْرِيظُ والمدحُ

لوْلا نداه هلكتْ أُمَّة ٌ … لكنْ لها مِنْ رُوحِهِ نَفْحُ

يُعْطِي ويُنْمِي اللَّه أموالَهُ … والبحْرُ لا يُنْضِبْهُ النَّزْحُ

لا برحَتْ آلاؤُهُ في الورى … مَزْرُوعَة ً ما زُرعَ القمحُ

أصْبَحَ سَمْحاً باللُّهَا في العُلاَ … فالشِّعْرُ فيهِ مِثْلُهُ سَمْحُ

لَهُ نَثا ينْشُر أرْواحَهُ … مَدْحٌ له في مَالِهِ مَتْحُ

كالمسْكِ مَجَّ الوردُ من مائِهِ … فيه وأذكاهُ به الجَدْحُ