يَا رَامَ قُومِي کصْبَحِينَا غَيْرَ تَصْرِيدِ – بشار بن برد

يَا رَامَ قُومِي کصْبَحِينَا غَيْرَ تَصْرِيدِ … لاَ تَبْخَلِي لَيْسَ ذَاكَ الْبُخْلُ كَالْجُودِ

يَا رَامَ إِنْ أَخاً لِي كُنْتُ آمُلُهُ … ساق الوشاة إليها غير تسديد

فبت أنشد نوم العين مرتفقاً … حَتَّى الصَّبَاحِ وَمَا نَوْمِي بمَوْجُود

يا رام ما الخفضُ من شأني ولا خلقي … وَقَدْ تَحَرَّقَتِ الآفَاقِ بالصِّيدِ

أَصْبَحّتُ عَنْ شُغلِ النَّدْمَانِ في شُغُل … لاَ أَرْعَوِي لنَعِيمِ الْقَيْنَة ِ الْغِيدِ

وَكَيْفَ أسْقَى عَلَى الرَّيْحَانِ مُتَّكِئاً … وَالْحَرْبُ حَاسِرَة ُ الْخَدَّيْنِ وَالْجِيدِ

إِنِّي وَجَدِّكِ مَا رَأيِي بمُنْتَشِرٍ … عند الحفاظ ولا عزمي بمردود

قَدْ أَسْلُبُ الْمَلِكَ الْجَبَّارَ حِلْيَتَهُ … في مأقطٍ مثل خط السيف مشهود

ولا أذبب عن حوضي لأمنعه … لاَ خَيْرَ في وِرْدِ قَوْمٍ غَيْرِ مَوْرُودِ

يَا رَامَ إِنِّي امْرُؤٌ في الْحَيِّ لي شَرَفٌ … أَرْعَى الْخَلِيلَ وَأدْعَى في الصَّنَاديد

يُرْجَى مَعَ الْمُزْن مَعْرُوفِي لِطَالبِهِ … وَيُتَّقَى الْمَوْتُ مِنْ حَيَّاتِيَ السُّودِ

لا تنكري غل حسادٍ غممتهم … لا يبتني المجد إلا كل محسود

وقائلٍ سره دهر وساء بنا … سَريعُهُ في أخٍ بَرٍّ وَمَوْلُودِ

وحين فات البكا يبكي على سلفٍ … يهدى إلى الترب من كهلٍ ومن رود

من صاحب الدهر لم يترك له شجناً … فاترك بكاك على ندمانك المودي

فَقُلْتُ هَمٌّ عَرَانِي منْ أَخ سَبَقَتْ … به المنايا كريم العهد مودود

كَانَ الدَّنيَّ فَغَالَ الدَّهْرُ ألْفَتَهُ … وَالدَّهْرُ يُحْدِثُ وَهْناً في الْجَلاَمِيدِ

وجار دجلة ً حلت بي مصيبته … وفاتني سيدٌ من معشرٍ سود

كِلاَهُمَا لَمْ يَكُنْ وُدِّي لهم صَلفَا … لَكنْ صَفَاءً كَمَاء الْمُزْنِ للعُود

قَدْ كُنْتُ أَرْجُو مَعَ الرَّاجي إِيَابَهُمَا … حَتَّى أَقَامَا عَلَى رَغْمِي بمَخْلُودِ

فاشرب على موت إخوانٍ رزئتهم … بَابُ الْمَنيَّة بَابٌ غَيْرُ مَسْدُودِ

يكفيك أن التقى أيدٌ يفوز به … وَالْفِسْقُ ذُلٌّ فَلاَ يُعْدَلْ بتَأيدِ

والمال عز فأكثر من طرائفه … وإن عدمت فطب نفساً بتفنيد

قد شبه المال أوغاد بربهم … وأوضع الفقرُ قوماً بعد تسويد

يَرُوحُ في الْجَاهِ أَقْوامٌ بمَالِهِمُ … وَذُو الْخَصَاصَة ِ مَدْفُوعٌ بتَبْعيدِ

فاكسب من المال ما تبني به شرفاً … أَوْ عِشْ بِرغْم قَصِيّاً غَيْرَ مَعْدُودِ

ومعشرٍ منقعٍ لي في صدورهم … سُمُّ الاسَاوِدِ يَغْلِي في الْمَوَاعيد

وَسَمْتُهُمْ بالْقَوَافي فَوْقَ أَعْيُنهمْ … وسم المعيدي أعناق المقاحيد

إذا رأوني أصاخوا في مجائمهم … كما أصاخ ابن نهيا بعد تغريد

كأنما عاينوا بي ليث ملحمة ٍ … غضبان أو ملكاً بالتاج معقود

يأيها الجاهل المبتاحُ لي سفهاً … لاَقَيْتَ جَهْداً وَلَمْ تَظْفَر بمَحْمُودِ

لاَ تَحْسبَنِّي كَمَنْ تَجْري مَدَامِعُهُ … مِنَ الْوَعِيدِ مَعَ الْحُورِ الرَّعَادِيد

إِني إِذَا الْحَرْبُ رَاحَتْ غَيْرَ قَاعِدَة ٍ … آتي الهوينى وأغدو غير مهدود

قَدْ جَرَّبَ الْجِنُّ أَحْرَامِي وَجَرَّبَني … أسد الأنيس مدلاتٍ بتأسيد

تفح دوني القوافي كل شارقة ٍ … فَحَّ الأَفَاعِي لكَلْبِ الْحَيِّ وَالسِّيد