يعزّ عليّ فقدكَ يا عليُّ – بهاء الدين زهير

يعزّ عليّ فقدكَ يا عليُّ … ألا للهِ ذا الأجلُ الوحيُّ

تكَدّرَ فيكَ صَافي العيشِ لمّا … عَدِمتُكَ أيّها الخِلُّ الصَّفيّ

لَئِنْ أخلَيْتُ منكَ مَحلّ أُنسِي … فما أنا فيكَ منْ أسفٍ خليّ

فبَعدَكَ لَيسَ يُفرِحُني بَشيرٌ … وبعدكَ ليسَ يحزنني نعيّ

ولو كانَ الرّدى بَشَراً سَوِيّاً … لهابكَ أيها البشرُ السويّ

عصَاني الصّبرُ بعدك وَهْوَ طوْعي … وطاوعَ بعدكَ الدمعُ العصيّ

وهلْ أبقتْ لي الأيامُ دمعاً … فيُسْعِدَني بهِ الجَفْنُ الشقيّ

فيا جَزَعي تَعَزَّ فليسَ صَبرٌ … ويا ظمإي تَسَلّ فلَيسَ رِيّ

أتمضي أنتَ منفرداً وأبقى … لقد غَدَرَتكَ نَفسُكَ يا وَفيّ

فهل حقٌّ حياتكَ يا زهيرٌ … وهَلْ حَقٌّ وَفاتُكَ يا عَليّ

وَحَقّاً صارَ ذاكَ البَحرُ يُبْساً … وصوحَ ذلكَ الروضُ البهيّ

وَأقْلَعَ ذلكَ الغَيثُ المُرَجّى … فلا الوسميُّ منهُ ولا الوليُّ

لقد طَوَتِ الحَوادِثُ منهُ جسماً … وليسَ لذكرهِ في الناسِ طيّ

مَضَوْا بسَريرِهِ وَعَلَيْهِ نُورٌ … جليٌّ تحتهُ سرٌّ خفيّ

وفي أكْفانِهِ نَدْبٌ سَرِيٌّ … تَخَلّفَ بَعدَهُ ذِكْرٌ سَنيّ

على حينَ استَفاضَ الذّكرُ عنهُ … وحينَ أتى كما اندفعَ الأتيّ

وكمْ درتْ مكارمهُ لعافٍ … كما درتْ لأطفالٍ ثديّ

وكمْ أروى على ظمإٍ نداهُ … سَقاه هاطِلُ الغَيثِ الرّوِيُّ