يدُ الدهرِ جارحة ٌ آسيَهْ – عبدالجبار بن حمديس

يدُ الدهرِ جارحة ٌ آسيَهْ … ودُنْياكَ مُفْنِيَة ً فانيَهْ

وربّكَ وارثُ أربابها … ومحيي عظامهم الباليهْ

رأيتُ الحِمامَ يبيدُ الأنام … وَلَدْغَتُهُ ما لها راقيه

وأرواحنا ثمراتٌ له … يمدّ إليها يداً جانيهْ

وكل امرىء ٍ قد رأى سمْعُهُ … ذهاباً منَ الأمَمِ الماضيه

وعارية ٌ في الفتى روحُهُ … ولا بدّ من رَدّه العاريه

سقى الله قبر أبي رحمة ً … فسقياهُ رائحة ٌ غاديهْ

وسيّرُ عن جسمه روحه … إلى الرَّوْحِ والعيشة الرّاضيهْ

فكم فيه من خُلُقٍ طاهرٍ … ومن همّة ٍ في العُلى ساميَه

ومن كَرَمٍ في العُلى أوّل … وشمسُ النّهارِ لهُ ثانيَهْ

ولوْ أنّ أخلاقهُ للزمانِ … لكانتْ موارِدُهُ صافيه

أتاني بدارِ النوى نعيُهُ … فيا روعة َ السمع بالداهيه

فحمّرَ ما ابيضّ من عبرتي … وبيضَ لِمّتي الداجيهْ

بدارِ اغترابٍ كأنَّ الحياة َ … لذكر الغريب بها ناسيه

فمثّلتُ في خلدي شَخْصَهُ … وقَرّبْتُ تربته القاصيه

ونحتُ كثكلى على ماجدٍ … ولا مُسْعِدٌ لي سوى القافيه

قديمُ تراثِ العلى سَيّدٌ … على النجمِ خُطّتُهُ ساميه

مضى بالرجاحة ِ من حلمهِ … فما سيّرَ الهضبة َ الراسيهْ؟

وما أنْسَ لا أنْسَ يوْم الفراق … وأسرارُ أعيننا فاشيهْ

ومرّتْ لتوديعنا ساعة ٌ … بلؤلؤ أدمُعِنا حاليهْ

ولي بالوقوف على جمرها … وإنْضاجِهِ قَدَمٌ حافيه

ورحتُ إلى غربة ٍ مُرّة ٍ … وراحَ إلى غُرْبَة ٍ ساجيَه

وقدْ أودعتني آراؤه … نجوماً طوالعُها هاديه

سمعتُ مقالَة شيخي النّصيحِ … وأرْضيَ عَنْ أرضِهِ نائيه

كأنّ بأذني لها صرخة ً … أرادَ بها عُمَرٌ ساريه

مضى سالكاً سُبلَ أبائه … وأجدادهِ الغُررِ الماضيهْ

كرامٌ تولوا بريب المنون … وأبقوْا مفاخرهُمْ باقيَه

مَضَى وهو منّي أخو حَسَرة ٍ … تُمازجُ أنفاسهُ الرّاقيهْ

تجودُ بدفع الأسى والرّدى … على خدّه عينهُ الباكيهْ

وإني لذو حزنٍ بعده … شؤونُ الدمعِ لهُ داميَه

بكيتُ أبي حقبة ً والأسى … عليّ شَواهدُهُ باديه

وما خمدتْ لوعة ٌ تلتظي … ولا جمدتْ عبرة ٌ جاريهْ

ونفسي وإن مُدّ في عُمرِها … لما لقيتْ نفسُهُ لاقيه