يخاطب كلا في المناجاة صاحبه – عبدالغني النابلسي
يخاطب كلا في المناجاة صاحبه … ويفقد كل عنده من يخاطبه
كلانا وجود واحد فهي تارة … وإني طورا والجميع مراتبه
وياليت شعري إن يكن هو حاضرا … فمن ذا أنا حتى أكون أقاربه
ومن هو عندي إن حضرت به أنا … ولكنها جلت عليّ مواهبه
هو الحق والنور الذي هو للورى … مدادبه قد خطهم فيه كاتبه
فلا حرف إلا وهو فيه محقق … تضيء بشمس الذات منه غياهبه
رعى الله قوما لا يرون له سوى … لرؤيتهم إن ليس شيء يناسبه
تبدّى فأخفاهم فكان مخاطبا … سرائر غيب واسمعهنّ حبائبه
يناجي فلا يلقى سواه مجاوبا … فيكثر منه الشوق إذا شط غائبه
فطورا يناديهم حبائب حضرتي … وهم عدم ما منهمومن يجاوبه
وطورا عليهم يكثر الجود والعطا … فيثبت فيهم حبه ويواظبه
ألا يا ابن علمي أنني أنت بل أنا … هو الكون معروفاته وغرائبه
أنا مفرد والكل جمعي فاته … على غير لفظي جاء الأمر واهب
كما جمعوا خلدا بلفظ مباعد … وما فيه حرف منه يدريه طالبه
سوى حرف دال بالدلالة مشعر … عليه إليه منه جدّت ركائبه
وبالاعتبار الفرق وهي مراتب … لواحد أعداد تأنت مذاهبه
أنا الفلك في بحر الإرادة سائر … أنا الفلك الدوّار تبدوكوا كبه
قطعت إليه الكون أومض برقه … فيافيه لي مطوية وسباسبه
وقلبي بغيب الغيب في معرك السوى … تجرّد عن تلك الغموض قواضبه
إلى أن بدت ذات الوجود فأفرغت … على مقتضى الاسم المريد قوالبه
وعاد كثيرا ليس يحصى وواحدا … فقلنا تعالى الله قد جل جانبه