يا ناعيَ ابن رسول الله من البشرِ – ابن الرومي
يا ناعيَ ابن رسول الله من البشرِ … ومُعلناً باسمه في البدو والحضَر
لقد نعيتَ امرأً ظَلَّتْ لِمَصْرَعِه … قواعدُ الدين والدنيا على خطر
لقد نعيتَ امرأً لم تَحْيَ مَكْرُمَة ٌ … إلاّ بهوبه سارت إلى الحُفَر
لقد نعيتَ امرأً ما كنتُ أحسَبُهُ … ينعاهُ إلا هُوِيُّ الشمس والقمر
لو فات شيء مدى ميقاته انكدرتْ … زُهرُ النجوم. من كل منكدَرِ
يا ناعي ابن رسول الله مبتهجاً … لقد تفوهتَ بالكبرى من الكُبر
سمعاً لها وإن سَكَّتْ مسامعنا … إن المسامع للناعين والبُشَر
لا تَشمتوا واذكروا منجَى طليقكُمُ … وجوهُكُمْ يا بني العباس للعَفَر
إن السيوف منايا كل معتزِمٍ … يلقى المنايا بعزمٍ غير منتشر
للهِ همة ُ يحيى أين وجَّهَهَا … لو أنها شيَّعتهُ مُدة َ العُمُر
بني النبيأما ينفك طاغية ٌ … مُغادِراً جَزَراً منكم على جزر
بني نُتَيْلة َ ثَلَّ الله عرشَكُمُ … كم للنبي لديكم من دم هَدر
ني نُتَيْلَة َكُفُّوا غَربَ جهلكُمُ … لا يصبِح السيفُ فيكم غيرَ معتذِر
إن تَفجعونا بسهمٍ من كِنانتنا … فعندكم من ثَناه أبلغُ الخبرِ
أو خاننا القدَر المحتوم فيه فقد … بقَّاكُمُ سَمَراً عفَّى على السمر
ما زال يضربكم بالسيف عن عُرُضٍ … حتى لأَذعنتُمُ بالذل والصَّغَر
أبقاكُمُ نُهْزة للناس كلِّهِمُ … أذِلَّة لا عدِمتم ذلة النَّفَر
وكل يومٍ لكم أمثال سورتهِ … منا وسيفٌ أبيٌّ غير مزدجَر
كذاك ما باخ منا بدرُ مملكة ٍ … إلا تلاهُ نظيرٌ غيرُ منتظر
نحمي حمانا بأسيافٍ مجردة ٍ … مَقِيلُها قُلَّة ُ المستأسِد الأشِر
إنا إذا صعَّر الجبار صفحتهُ … شفاءُ صفحتِه من ذلك الصَّعَرِ
بسيفنا وبنا نلتم مراتبكم … لا بالطليق حليفِ العجز والخور
إن السيوف التي أردَتْ أوائلَكُم … أسيافُناوبها نُردِي ذوي البطر
مُعدَّة ٌ لكُمُ ما فُلَّ صارمها … ونحن أبناء تلك العُصبة الصُّبُرِ
جَلَّى بنا الله تلك الجاهلية َ عن … آبائكم فاستبانوا مَطْرَح البصر
وهذه جَهلة ٌ طَخْياء ثانية ٌ … بنا تَكشَّفُ بالخَطِّية السُّمُر
لك الخمولُ وموتُ الذكر ليس لنا … أما سمعتَ بنا في سائر السِّير
لطفلنا موقف تُغْضى الكُفاة ُ له … وسيفُهُ فيهمُ أمضى من القدر
ما ضم سيفاً لنا غِمد ولا برحت … ضريبتاه من الأعداء والجَزر
نأوي إلى بيت مجدٍ لا كِفاءَ له … أوفت به السُّورة العُليا من السُّور
مدَّ النبيُّ لنا أطنابه فغدت … معلقاتِ العُرَا بالأنجم الزُّهر
له من القابسين العلمَ آونة … والمعتَفين فناءٌ غير مُهتَجَر
من زارنا فيه ألقى اللهُ حاضرهُ … ناهيك من حاضر فيه ومحتضَر
من تعتصمْ يده يوماً بعصمتنا … يمسكْ بحبل متين غير ذي غَررِ
لنا الشفاعة والحوض الرويُّ لنا … ونحن من خُصّ بالتقديس والطُّهُر
يا يوم يحيى لقد أحييت داهية ً … دهياءَ للناس تبقى آخر العُصُر
لقد أنخت على الأحياء من يمنٍ … ومن ربيعة َوالأحياءِ من مضر
وعمّ فقدك أهلَ الأرض كلهمُ … لم يُبقِ ذا نفس منهم ولم يَذر
إلا أناساً فسادُ الناسِ يُصلحهم … مثلَ الكلاب حياها مُمسَكُ المطر
تالله لو أن مولاهُ أُقيد به … هذا الأنامُ لأَمسَى غير مثَّئرِ
أيا قتيلَ رسول الله في رجب … يا أكرم الناس مخبوراً لمختبر
ما خانك السيف إذ خانتك نصرتهُ … وفيه منتصَر يوماً لمنتصِرِ
لئن تحكمتِ الأعداء فيك لقد … حَكّمتَ فيهم ظُبا الهندية البُتُرُ
قلقلت جبارهم عن لعين مضجعه … رعباً ووكلته بالخوف والحذر
أولغت في مُهَج الأعداء مرهَفة ً … من كل أزرَق نظّارٍ بلا نظر
يا قاتل ابن علي وابن فاطمة ٍ … تَبّاً لسعيك في الإيراد والصدر
يا قاتل ابن علي إن قتلَكَهُ … سيجني لك مرّاً من الثمر
بأيِّ وجهٍ تلاقي الله معتذِراً … جلت خطيئتك العظمى عن العُذر
خصيمُك الله فانظر كيف تخصمهُ … بل أنت أدحض خصمٍفوك للحجر
لو شاركتْك بنو حواءَ في دمه … لكُبكبوا يا بن بنت النار في سقر
ما بعدكم من يزيد في عداوته … آل النبي وقتلِ السادة الغرر
عليكم لعنة الرحمن واقعة … في السر والجهر والآصال والبُكَر
ومن سرى نحوه أو من أشار به … ومن نوى ذاك من أنثى ومن ذكر
ومن رآه فلم يسمح بمهجته … ومن تخلف عنه غير مقتسَرِ
خسراً لقوم أقاموا دينهم سفهاً … فيمن يزيد بوَكْس البيع محتقر
وبارزوا الله في قربى النبي ولم … يرعوا له حرمة القربى ولا الإصر
برّوا ذليلاُوعَقّوا الله واعتصموا … منه بحبلٍ ضعيف واهن المِرر
سرى إليه عُداة الله فانْصَلتوا … مستأسِدين عليهم جلدة النمر
مجاهدين بأسيافٍ مجردة ٍ … كأنما قصدوا للروم والخزرِ
يا عصبة الشركما أعلى جدودكُمُ … لقد ظفرتم برب النصر والظفر
لقد ظفرتم بمن ما هزّ مُنصلَهُ … إلا تَحكَّم في الهامات والقَصَر
لقد ظفرتم بمن كانت أناملهُ … تقوم فينا مقام الرزق في البشر
مهذب من رسول الله نسبتُهُ … بين الوصيِّ وسِبْطيه إلى عمر
لهفي على خير مَيْتٍ بعد والده … وخيرِ منتسِب يوماً ومفتخِر
إني لأعذل نفسي في الحياة وقد … قام النعيُّ به جذلانَ ذا أشر
لأَفنين أفانينَ المديح له … مجاهِراً للأعادي غير مستتر
وأمنح الود أهل البيت إنهُمُ … خير البرية لا بل خِيرة الخِير
يا ليتني كنت فيمن كان شاهدَهُ … حياًوقفيت إذ قفى على الأثر