يا كريماً لم يزل محتمِلا – ابن الرومي
يا كريماً لم يزل محتمِلا … محناً في عبده بعدَ مِحَنْ
يتلقَّى فيَّ ما يأذَى به … وأُكافيه بأنواع الظِّنَنْ
وهْو لا ينفك من عَوداته … فيه بالآلاء تَتَرى والمِنَنْ
بالذي لو فاخر الخلقَ اعتلى … والذي لو وازنَ الخلقَ وَزن
اعفُ عنِّي وأقِلْني عَثْرتي … يا عياذي لمُلمَّاتِ الزمن
لاتعاقِبْني فقد عاقَبَني … ندمٌ أقلق روحي في البدن
بنظير الشمس والبدر الذي … زانه اللهُ بمنفوس الزِّين
والذي لولاكَ أضحى لا يُرى … رَأيَ حَق إن في الدين سكن
يا آمنا عنده مؤتمنا … كُنْ على المجد أمينا مؤتَمن
واجعلِ العفو لحمدي ثمناً … فلكم أغليت بالحمدِ الثمن
إنَّ ما أمسيتَ تعتدُّ بهِ … لم يكنْ سِرّ نفاقٍ فَعَلَنْ
إنَّما كان هفوءاً ساقه … سهوُ قلب بين هم وحزن
لا تُطّيِّرْ وسناً عن مُقْلة ٍ … أنت أهديتَ لها حُلْو الوَسَن
لم يصرحْ لك بالسوء ولا … أضمر السوء اعتماداً إذْ لحن
لك سلطانٌ عزيزٌ فإذا … أنت لم تعفُ عن الجاني وَهَنْ
أيُّ سلطانٍ وقد أصبحْتُما … كمسيءٍ ومسيءٍ في قَرن
ومتى لم تعفُ عن ذي هفوة ٍ … مَرَد القلبُ عليها ومَرَنْ
كن عزيزاً بالتغاضي إنه … يترك الجاني مسلوبَ اللَّسَنْ
ومتى لاحظْتَهُ في مجلسٍ … ضربَ الزَّوْرُ ذليلاً بالذَّقن
خاشعَ الطرفِ عليه ربقة ٌ … يخضعُ الجيدُ من العفوِ الحسن
هو عزٌّ غامضٌ فافطِنْ له … يا ذكي القلبِ والعينِ فطنْ
وازجُرِ النفسَ إذا ما حَزُنَتْ … أن يفوتَ القوم سبقاً من حزن
لا تُضِق عفوك عني واجْزني … يا فسيخَ العفوِ يا رحبَ العَطَنْ
رُبَّ نفسٍ حرَّة ٍ قد ألِفَتْ … وطنَ السُّوء فهَبْ أنَّي وطن
كيف تستسهلُ إبعادَ امرىء ٍ … قد بنى إلفك فيه وقطن
إنني من حَمْأة مسنونة … وأرى أنك من خير الطِّين
إن أطعت النفس في رفض العلى … واطراح الحمد ذَمِّتْكَ المنن
ورأت أنك لم تحفل به … حين دلِّتك على قصد السنن
إن أطعتَ النفسَ في رَفْضِ … بها حين دلَّتْك على قصدِ السَّنن
قد دعتْكَ النفسُ من غُمْرتها … فتداركْها فلم تدعُ وثن
وانخدِعْ لي أو تَخَادَعْ إنها … خُدعة ٌ فيها رَباحٌ لا غبن
إن تناومْتَ فَمَنْ ذا أرتجي … أو تصاممت فلم تسمع فمن
واعذِر اللَّهفانَ في أفعاله … إنه يُغشَى ويَعمى ويُجن