يا صاح كلني إلى بيضاء معطار – بشار بن برد

يا صاح كلني إلى بيضاء معطار … وَارْفُقْ بِلَوْمِي فَمَا في الحُبِّ مِنْ عَارٍ

لاَ تَكْوِنِي إِنَّ قَلْبِي لوْ تُعَاتِبُهُ … عن حب عبدة كالمكوي بالنار

طرفي وسمعي شهيداها على بصري … بالرق مني ونفسي ذات إقرارِ

في الحي من سروات الحي جارية ٌ … رَيَّا التَّرَائِبِ فِي طَوْقٍ وَأسْوَارِ

حَوْرَاءُ في مُقْلَتَيْهَا حِينَ تُبْصِرُها … سحرٌ من الحسن لا من سحر سحار

كأنها الشمس قد فاقت محاسنها … مَحَاسِنَ الشَّمْسِ إِذْ تَبْدُو لإِسْفَارِ

الشمس تدنو ولا تصطادُ ناظرها … ولو بدت هي صادت كل نظار

ولو تَرَاهَا إِذَا ألْقَتْ مَجَاسِدَهَا … وأبرزت عن لبانٍ غير خوار

حَسِبْتَهَا فِضَّة ً بَيْضَاءَ فِي ذَهَبٍ … يا حسنها فضة ً في مذهبٍ جار

كَأَنَّ رِيقَتَهَا صَهْبَاءُ صَافِيَة ٌ … يا حسنها فضة في مذهبٍ جار

مَا بَالُ عَبْدَة َ عَنِّي الْيَوْمَ صَابِرَة ً … وَلَسْتُ عَنْهَا وَإِنْ شَطَّتْ بصَبَّار

عشقت فاها وعينيها ورؤيتها … عشق المصلين جناتٍ لأبرار

فالعين مني عن النسوان صائمة ٌ … حَتَّى يَكُونَ على الْحَوْرَاءِ إِفْطَارِي

لاَ شَيْءَ أحْسَنُ مِنْهَا يَوْمَ قُلْتُ لَهَا … في خلوة العين من واشٍ ومغيار

يَا عَبْدَ لاَتَقْتُلِينِي إِنَّنِي رَجُلٌ … إن تطلبي بدمي لا تسبقي ثاري

ولو تحرجت من قتلي بلا ترة … لم تقتليني جهاراً غير إسرار

قَالَتْ وَلاَ ذَنْبَ لِي إِنْ كُنْتُ جَارِية ً … قد خصني بالجمال الخالقُ الباري

فصَاغَنِي صِيغَة ً نِصْفَيْن، مِنْ ذَهَب … نصفي ونصفي كدعص الرملة الهاري

إذا بديت رأيتُ الناس كلهم … يرمون نحوي بأسماعٍ وأبصار

قتلتُ مَنْ كَانَ قُدَّامِي بِحَسْرَتِهِ … وجن من كان خلفي عند إدباري