ومِن سَفَهٍ لمّا مررتُ على الحِمى – الشريف المرتضى

ومِن سَفَهٍ لمّا مررتُ على الحِمى … بكيتُ وهل يُبكي الجليدَ المعالِمُ؟

شربتُ بهِ لمّا رأيتُ خُشوعَه … دُموعي وغنَّتْني عليهِ الحَمائِمُ

ولمّا رأينا الدَّارَ قَفْرى منَ الهوى … وليس بها إلاّ الرّياحُ السّمائمُ

كرعنا الجوى صرفاً بأيدى رسومها … فلم ينجُ منّا يوم ذاك سالمُ

وما برحتْ أيدى المطى ّ مكاننا … كأنَّ المطايا ما لهنَّ قوائمُ

كأَنِّيَ لم أعصِ الهَوى وهْوَ غالبٌ … ولم يقلِ الأقوامُ إنّك حازمُ

ولم أكُ صلبَ العودِ يومَ يقودُني … أكُفٌّ شِدادٌ أو نيوبٌ عَواجمُ

فإنْ يكُ لي دمعٌ بسرِّيَ بائحٌ … فلي منطقٌ للوَجْدِ مِنيَ كاتمُ

فللّهِ يومُ الشَّعْبِ ما جَنتِ النَّوى … علينا وما ضمّتْ عليه الحيازمُ

عشيّة رحنا والغرامُ يقودنا … وليسَ لنا إلاّ الدُّموعُ السَّواجمُ

نطارُ إلى داعى الهوى فكأنّنا … جيادٌ سراعٌ مالهنّ شكائمُ

نظرتُ وظعنُ الحى ّ تحدى بذى النّقا … وأيدى المطايا بالحدوجِ رواسمُ

وقد رثّ شملٌ بالفراقِ وحولنا … منَ الوَجْدِ لَوّامٌ لنا ولوائمُ

فلاهٍ تخطّاهُ التجلُّدُ مُفحَمٌ … وساهٍ تَوخّاهُ التبلُّدُ واجمُ

فلم تلفنى إلاّ عيونٌ فواترٌ … وإلاّ خدودٌ للعيون نواعمُ

غذين الصّبا حتّى ارتوينَ من الصّبا … سنينَ كما تغذو الصبى ّ المطاعمُ

ومُشتكياتٌ ليس إلاّ أناملٌ … يُشِرْنَ إلى شكوى النَّوى ومعاصمُ

ونادمة ٌ كيفَ استجابتْ لِبَيْنِنا؟ … وقد شقيتْ بالعضّ منها الأباهمُ

وأعرض عنّا بالخدودِ وما لنا … إليهنَّ لولا بَغْيُهنَّ جَرائمُ

وما كنتُ أخشى أنّ قلبى تنوشه … محكّمة ً فينا النّساءُ الظّوالمُ

ولا أنّ شوقى لا يزال يهيجه … ثرًى مقفرٌ أو منزلٌ متقادمُ