ولما رأيت الكونَ يعلو ويسفلُ – محيي الدين بن عربي
ولما رأيت الكونَ يعلو ويسفلُ … وبينهما الأمرُ الإلهيُّ ينزلُ
علمتُ بأنَّ الحقَّ سورٌ وإنه … لما ضمنَ الكونينِ فيهِ مفصلُ
يدبرُ أمراً منْ سماءِ وأرضها … وآياتُها للعالمينَ يفصلُ
ويعرجُ ذاك الأمر للفصل طالباً … فيعدلُ فيهم ما يشاءُ ويفصل
ولوْ قامَ فيهم عدلهُ عشرَ ساعة ٍ … لأهلكهم سيفٌ من الله فَيصل
ولكنهُ روحُ التجاوزِ حاكمٌ … فيحكمُ فهمْ حكمَ منْ هوَ يغفلُ
فإهماله إمهاله عن مُصابه … ولوْ حققَ التفتيشَ عنهم لزلزلوا
وعلة هذا الأمرِ أنْ ليس فاعلٌ … سواه وأنَّ الحقَّ بالحقِّ يفعل
فما كانَ منْ حمدٍ فحقٌّ محققٌ … وما كان من ذمٍّ فحقٌّ معللُ
وما ثَم إلاَّ الحقُّ ما ثَم غيره … ولكنهم قالوا محقٌّ ومُبطِلُ
يقولُ رسولُ الله يا رب فاحكمن … بذلكمُ الحقِّ الذي كنتَ ترسلُ
وعلة هذا أنهم جحدوا الذي … أتتهُمْ بهِ أرسالُهُ وتعللوا
فزادهم وهماً وغماً وحسْرة ً … خلالَ الذي ظنوهُ ذاكَ التعللُ
فلوْ أنهمْ لمْ يكذبوهم وصدَّقوا … مقالتهم فيهم لكانوا به أولوا
نجاة ً فإنَّ الاعترافَ مقامُهُ … إلى جانب العفو الكريم يهرولُ
لقدْ حكمتْ في حالهم غفلاتهم … فلولا وجودُ العفوِ لمْ تكُ تهملُ
فيا رب عفواً فالرجاء محققٌّ … وهذا الذي ما زلتَ مني تسألُ