ولما رأيتُ الأمر يعلو ويسفل – محيي الدين بن عربي

ولما رأيتُ الأمر يعلو ويسفل … ويقضي به الحقُّ المبين ويفصلُ

تصرفهُ الأهواءُ أني توجهتَ … فيقضي به ريحُ جنوبٍ وشمأل

تنبهَ قلبي عندَ ذاكَ عناية ً … من الله جاءته وقد كان يعقل

فواللهِ لولا أنَّ في الصدقِ ثلمة ً … لما كان قلبُ العبدِ يسهو ويغفل

وقلتُ لقلبي ما دعاكَ لما أرى … فلم أدر إلا أنها تتأوّل

بحثت عن أصل الأمرِ ما أصل كونه … فلاحَ لنا في ذلك البحثِ فيصل

فأعلم أنَّ الحكم للعلمِ تابعٌ … كما هو للمعلومِ والأمر يجهلُ

ولما رأيتُ الحقَّ فيما ذكرته … علمت بأن الأمر جبر مفصل

وأن إله الخلقِ بالخلقِ يفصلُ … وبالخلقِ أيضاً بالمكاره يعدل

فمنْ لامَ غيرَ النفسِ قدْ جارَ واعتدى … ومن لامها فهو الشهيد المعدّل

ولما رأيتُ الحق للخلقِ تابعا … تساوى لديَّ الخوفُ والأمنُ فاعلموا

على كشفِ هذا واعملوا بمنارهِ … فإن به تسمو الذواتُ وتكمل